رسالة : بطلان حجية الآثار
فصل : دين الله أمر والمذاهب ورجالها أمر آخر
كتب : محمد الأنور :
إن كتاب الله مبين ومفصل في نفسه وتبيان وتفصيل لكل أمور الدين وهو
كاف كامل تام ناسخ غير منسوخ , ومن ثم فلا توجد آثار مفسرة أو مكملة أو ناسخة ,
والمذاهب والفرق الضالة قائمة على تلك الآثار الباطلة السند المنكرة
المتن .
فمن أراد دين الله فعليه بالقرآن , ولكي يفهم القرآن فلا بد له من
تعلم اللسان العربي , فلقد نزل القرآن بلسان عربي مبين .
ولقد أمرنا الله بإجابة رسله وليس بإجابة أبي حنيفة أو مالك أو
الشافعي أو أحمد .
قال الله : " يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ
مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
" ( المائدة : 109 ) .
وقال الله : " وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا
أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ
فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ (66) فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا
فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا
يُشْرِكُونَ (68) وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ
(69) وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى
وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70) قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (71) قُلْ
أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ
أَفَلَا تُبْصِرُونَ (72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (73)
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ
تَزْعُمُونَ (74) وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا
بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا
يَفْتَرُونَ (75) " ( القصص ) .
ولقد سمانا الله
بالمسلمين ولم يسمنا بالقرآنيين أو السنيين أو السلفيين أو الشيعة أو الصوفية أو
الأشعرية أو الماتريدية أو الحنفية أو المالكية أو
الشافعية أو الحنبلية أو الظاهرية أو الزيدية …
قال الله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا
جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ
سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا
عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا
الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى
وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) " ( الحج ) .
ولقد أمرنا الله باتباع كتابه , وحذرنا من الإعراض عنه , ونهانا عن اتباع
السبل :
قال الله : " المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا
يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)
اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ
دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3) وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ
أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4) فَمَا
كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا
ظَالِمِينَ (5) فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ
الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ
(7) وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ
خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) " (
الأعراف ) .
وقال الله : " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا
فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " ( الأنعام : 153 ) .
وقال الله : " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ
رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا
عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ
تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) وَرَبُّكَ
الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ
الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا (58)
" ( الكهف ) .
وقال الله : " كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا
قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ
فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ
لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101) " ( طه ) .
وقال الله : " قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ
لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ
فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ
مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ
لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ
آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي
مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ
وَأَبْقَى (127) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ
الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي
النُّهَى (128) وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا
وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) " ( طه ) .
ولقد أمرنا الله بالاعتصام بكتابه , ونهانا عن التفرق والاختلاف :
قال الله : " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ
جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ
كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ
إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " ( آل
عمران : 103 ) .
وقال الله : " إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا
شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ
يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ
عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا
وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160) قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي
لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا
أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ
كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ
بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ
الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا
آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
" ( الأنعام ) .
وقال الله : " مُنِيبِينَ إِلَيْهِ
وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31)
مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا
لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) " ( الروم ) .
وقال الله : " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ
النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ
رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ
جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) " ( هود ) .
وقال الله : " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ
دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ
بِوَكِيلٍ (6) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ
أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ
فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ
لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ
وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (8) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ
دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ
إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
(10) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ (12) شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ
أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا
تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ
مَنْ يُنِيبُ (13) وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ
بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ
مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ
بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا
أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ
مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ
لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ
اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15) وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ
فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ
رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16) اللَّهُ الَّذِي
أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ
قَرِيبٌ (17) " ( الشورى ) .
ولقد أمرنا الله عند الاختلاف في الشيء أن يكون حكمه إلى الله :
قال الله : " وَمَا اخْتَلَفْتُمْ
فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ
تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ " ( الشورى : 10 ) .
وحكم الله في كتابه وليس في آثار المجاهيل والمغفلين والمدلسين
والوضاعين وليس عند أبي حنيفة أو مالك أو الشافعي أو أحمد :
قال الله : " وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ
حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ
الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ " ( الرعد : 37 )
.
وقال الله : " وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ
وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ
ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ
فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ
هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ
اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا
تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ
اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ
النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ
وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ
تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ
اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ
بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ
يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46)
وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ
يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ
مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ
اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ
جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ
أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ
فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا
تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ
اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ
يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ
(49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا
لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) " ( المائدة ) .
ومن المعلوم لكل عاقل أنه تجب عبادة الله والدعوة
إليه على بصيرة وليس على تقليد أعمى أو إلغاء للعقل والفكر ومغالاة في أفراد قد
تكون نعال البسطاء أنفع للأمة منهم .
قال الله : " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو
إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ
وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ " ( يوسف : 108 ) .
أما من يقلد رجال المذاهب ويغالي فيهم ويقدم
كلامهم على كلام الله , ويضيع أعمار المسلمين وجهدهم فيما يضر ولا ينفع مثل الأزهر
الفاطمي غير الشريف وغيره من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية وحتى الأفراد فأقول
لهم :
أولاً : هذا كفر .
قال الله : " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ
اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ
حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ
الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ
تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ
وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ
لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ
يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ
مِنَ النَّارِ (167) يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا
طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ
مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا
عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا
أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا
أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ
الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً
وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171) " ( البقرة ) .
وقال الله : " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا
نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ
يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا
لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ
(30) قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا
مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا
بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ (31) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ
رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ
وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ
دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ
مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ
الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) " ( إبراهيم ) .
وقال الله : " وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا
وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ
اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ
هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي
وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) " ( يوسف ) .
نقول لهم قال الله كذا , فتقول الحنفية : ولكن إمام الفقه قال كذا
, وتقول المالكية : ولكن إمام دار الهجرة قال كذا , وتقول الشافعية : ولكن إمام
الأصول قال كذا , وتقول الحنبلية : ولكن إمام الآثار إمام أهل السنة قال كذا .
وهل هؤلاء آلهة ؟
وهل دين الله ناقص حتى أكمله هؤلاء ؟
وهل دين الله مبهم حتى بينه هؤلاء ؟
وهل كان النبي حنفياً أو مالكياً أو شافعياً أو حنبلياً أو ثورياً
أو ظاهرياً أو زيدياً ؟
قال الزمخشري ( المعتزلي ) :
وإن يسألوا عن مذهبي لم أبح به ** وأكتمه ، كتمانه ليَ أسلم
فإن حنفياً قلت قالوا بأنني ** أبيح الطلا وهو الشراب المُحَرَّم
وإن مالكياً قلت قالوا بأنني ** أبيح لهم لحم الكلاب ، وهُمْ هُمُ
وإن شافعياً قلت قالوا بأنني ** أبيح نكاح البنت ، والبنت تَحْرُمُ
وإن حنبلياً قلت قالوا بأنني ** ثقيلٌ ، حَلُولِيٌ ، بَغِيْضٌ ، مُجَسِّمُ
وإن قلت من أهل الحديث وحزبه ** يقولون تَيْسٌ ، ليس يدري ويفهم
تعجبت من هذا الزمان وأهله ** فما أحد من ألسن الناس يسلم
وأخرني دهري وقدم معشرا ** على أنهم لا يعلمون وأعلم
ومذ أفلح الجهال أيقنت أنني ** أنا الميم والأيام أفلح أعلم
أَفْلَحُ : مشقوق الشفة السفلى , وقيل الفَلَحُ شق في الشفَّة في
وسطها دون العَلَمِ . وقيل : هو تَشَقُّق في الشفَّة وضِخَمٌ واسترخاء كما يُصِيبُ
شِفاهَ الزِّنْجِ .
وأعلم : مَشْقُوقُ الشَّفَة العُلْيَا .
ففي البيت الأخير يعد الزمخشري نفسه وحيد دهره الذي لم تجُد
الأيَّام بمثله , فيشبه نفسه بـ : حرف الميم وأن الأيام أفلح أعلم
أي مشقوقة الشفة السفلى والعليا , ومن ثم فلا تستطيع أن تنطق حرف
الميم .
تنبيه : أنا لا أقول كما قال الزمخشري : ( وإن يسألوا عن مذهبي لم
أبح به ** وأكتمه ، كتمانه ليَ أسلم ) , بل أقول : وإن يسألوا عن مذهبي قلتُ : وهل
في الإسلام مذاهب ؟
قال ابن القيم : ( إن سألوك عن شيخك فقل : شيخي رسول الله ,
وإن سألوك عن جماعتك فقل : هو سماكم المسلمين , وإن سألوك عن منهجك فقل :
الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة , وإن سألوك عن بيتك فقل : ألا إن بيوت الله في
الأرض المساجد , وإن سألوك عن لباسك فقل : ولباس التقوى ذلك خير )
.
تنبيهات :
1 ـ الشيخ هو الهرم وإطلاقه على المعلم خطأ وقع فيه السلف والخلف .
2 ـ السنة هي الطريقة , ولا يصح إطلاقها على آثار المجاهيل والمغفلين
والمدلسين والوضاعين , انظر رسالتي : "بطلان حجية الآثار " , فصل :
"معنى السنة" .
3 ـ سلف الأمة منهم الصالح ومنهم الفاسد , فضلاً عن أن الصالح ليس
معصوماً , وكتاب الله مبين ومفصل في نفسه , فلقد أنزله الله بلسان عربي مبين .
4 ـ إجابة ابن القيم عن الشيخ والبيت واللباس تشدد وتنطع .
5 ـ لا يغرنكم كلام ابن القيم فقد كان متمذهباً بالمذهب السني
والسلفي وكان له أكثر من معلم .
وقال ابن تيمية : ( الحذر الحذر أيها الرجل من أن
تكره شيئا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أو ترده لأجل هواك أو انتصارا
لمذهبك أو لشيخك أو لأجل اشتغالك بالشهوات أو بالدنيا فإن الله لم يوجب على أحد
طاعة أحد إلا طاعة رسوله والأخذ بما جاء به بحيث لو خالف العبد جميع الخلق واتبع
الرسول ما سأله الله عن مخالفة أحد ) .
وقال ابن تيمية :
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي ... رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسْأَل
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَـولـِه ... لا يَنْـثَني عَنـهُ ولا يَتَبَـدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ ... وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّــل
وَلِكُلِّهِمْ قَـدْرٌ وَفَضْلٌ سـاطِعٌ ... لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَـل
وأُقِـرُّ بِالقُرآنِ ما جاءَتْ بِـهً ... آياتُـهُ فَهُوَ القَديـمُ المُنْـزَلُ
وجميعُ آياتِ الصِّفاتِ أُمِرُّهـا ... حَقـاً كما نَقَـلَ الطِّرازُ الأَوَّلُ
وأَرُدُّ عُقْبَتَـهـا إلى نُقَّالِهـا ... وأصونُها عـن كُلِّ ما يُتَخَيَّلُ
قُبْحاً لِمَنْ نَبَذَ الكِّتابَ وراءَهُ ... وإذا اسْتَدَلَّ يقولُ قالَ الأخطَلُ
والمؤمنون يَـرَوْنَ حقـاً ربَّهُمْ ... وإلى السَّمـاءِ بِغَيْرِ كَيْفٍ يَنْزِلُ
وأُقِرُ بالميـزانِ والحَوضِ الذي ... أَرجـو بأنِّي مِنْـهُ رَيّاً أَنْهَـلُ
وكذا الصِّراطُ يُمَدُّ فوقَ جَهَنَّمٍ ... فَمُوَحِّدٌ نَـاجٍ وآخَـرَ مُهْمِـلُ
والنَّارُ يَصْلاها الشَّقيُّ بِحِكْمَةٍ ... وكذا التَّقِيُّ إلى الجِنَانِ سَيَدْخُلُ
ولِكُلِّ حَيٍّ عاقـلٍ في قَبـرِهِ ... عَمَلٌ يُقارِنُـهُ هنـاك وَيُسْـأَلُ
هذا اعتقـادُ الشافِعيِّ ومالكٍ ... وأبي حنيفـةَ ثم أحـمدَ يَنْقِـلُ
فإِنِ اتَّبَعْتَ سبيلَهُمْ فَمُوَحِّـدٌ ... وإنِ ابْتَدَعْتَ فَما عَلَيْكَ مُعَـوَّلً
تنبيهات :
1 ـ لا يغرنكم كلام ابن تيمية فقد كان متمذهباً بالمذهب السني
والسلفي .
2 ـ
لقد نقلت أبيات ابن تيمية من أجل البيت التالي : (قُبْحاً لِمَنْ نَبَذَ الكِّتابَ وراءَهُ ... وإذا
اسْتَدَلَّ يقولُ قالَ الأخطَلُ) , ويا ليته عمل به , فلو عمل به لاختلف إيمانه وصلاته وإنفاقه
وصيامه وحجه وجهاده وسائر عباداته عن وساوس شياطين الإنس والجن .
والسؤال : كيف ينبذ ابن تيمية كتاب ربه وراءه ويستدل بآثار
المجاهيل والمغفلين والمدلسين والوضاعين ؟
كيف ينبذ آيات الصلاة والإنفاق والصيام والحج والجهاد ويقدم عليها
وساوس شياطين الإنس والجن ؟
كيف يكفر ببعض الكتاب تحت مسمى نسخ آثار المجاهيل والمغفلين
والمدلسين والوضاعين له ؟
ثانياً : أئمة المذاهب ليسوا معصومين حتى تتبعهم .
1 ـ أبو حنيفة النعمان متهم , وأي محقق يعلم ذلك , ولو تساهلنا في
أمره لقلنا كثير النسيان لا يحفظ , ومن ثم فكل أثر رواه فهو مردود .
والكثير من فتاوى النعمان قائم على آثاره الباطلة التي رواها في
مسنده .
والسؤال : ألا تتدبر الحنفية كتاب الله وتتبين من أمر إلههم
المزعوم ؟
تنبيه : كلمة "حنفية" هي جمع كلمة "حنفي" ,
لذا فالصواب أن نطلق على المتمذهبين بفتاوى أبي حنيفة اسم حنفية , وليس الأحناف
كما يطلقون على أنفسهم , لأن كلمة "أحناف" هي جمع أحنف وحنيف , وليست
جمعاً لحنفي .
2 ـ مالك بن أنس كان يدلس تدليس التسوية وهو أحقر أنواع التدليس ,
وأنا لا أقبل رواية المدلس , فالله أحكم الحاكمين لا يختار مدلساً .
ولا يهمني أنه كان ابن حرام فلا تزر وازرة وزر أخرى , ولكن الذي
يهمني أن ابن الحرام حرف مدة الحمل المبينة في كتاب الله , ولعله فعل
ذلك ليبرئ أمه ونفسه .
فضلاً عن أنه كان يضعف من يتكلم في نسبه , والسؤال : أين الأمانة ؟
وفتاوى مالك قائمة على آثاره الباطلة التي رواها في موطئه .
أما الآثار الواردة في فضله فهي أكاذيب من مقلديه والمغالين فيه
مثل "يوشك الناس أن يضربوا أكباد الإبل فلا يجدون عالماً أعلم من عالم
المدينة" , وفي رواية
"يُوشِكُ النَّاسُ أَنْ يَضْرِبُوا آبَاطَ الإِبِلِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ ،
فَلا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ" , وفي رواية "يخرج الناس من المشرق و
المغرب في طلب العلم فلا يجدون عالمأ أعلم من عالم المدينة" .
ومثل قصة "لا يفتى ومالك في المدينة" .
والسلفيون أنفسهم قد ضعفوا تلك الآثار .
3 ـ الشافعي مغفل كثير النسيان , وهذا ظاهر في آثاره حيث يقول
حدثني الثقة أحسبه فلان , وأنا لا أقبل رواية المغفل , فالله أحكم الحاكمين
لا يختار مغفلاً .
أما الآثار الواردة في حفظه فأكاذيب من مقلديه والمغالين فيه
.
وفتاوى الشافعي قائمة على آثاره الباطلة التي رواها في أمه
ورسالته .
4 ـ أحمد بن حنبل متشدد .
وفتاوى ابن حنبل قائمة على آثاره الباطلة التي رواها في
مسنده , ولقد حققتُ الكثير من مسند أحمد فما صح عندي أي أثر , ومشكلة مسند
أحمد ليست فيه بل في الرواة الذين بينه وبين النبي .
5 ـ سفيان الثوري كان يدلس تدليس التسوية وهو أحقر أنواع
التدليس , وأنا لا أقبل رواية المدلس , فالله أحكم الحاكمين لا يختار مدلساً
.
وفتاوى الثوري قائمة على آثاره الباطلة التي ملأت كتب
الآثار .
ومن ظن أن الله أراد حفظ الآثار ثم اختار لهذا العمل المجاهيل
والمغفلين والمدلسين والوضاعين فقد افترى على الله واتهمه بعدم حفظ الآثار وإساءة
اختيار الرواة , سبحانه وتعالى عما يصفون .
تخلف الأزهر الفاطمي :
لما نقد البعض الأزهر في تعليمه المذاهب للطلبة , سمعت بعض معلمي
جامعة الأزهر ـ الذين يطلقون على أنفسهم لقب دكاترة ـ يقول : هذا تراثنا , كيف
نترك تراثنا ؟
سبحان الله , ألم تكفهم آثار الفراعنة وغيرهم حتى قدموا آثار أبي
حنيفة ومالك والشافعي وأحمد على كتاب الله فحرفوا دين الله بتحريف أحكامه ؟
تناقض السلفيين :
التناقض الأول : ينكر بعض السلفيين المذهب الحنفي والمالكي
والشافعي والحنبلي , وهذا حق , ثم يدعون إلى المذهب السني والسلفي , وهذا باطل ,
والسؤال : هل التمذهب بدعة إلا في حال كونه مذهباً سنياً أو سلفياً ؟
التناقض الثاني : يقول السلفيون : هيا نغتاب في الله ساعة ثم
يجرحون الرواة والمتكلمين سواء بحق أو بغير حق , ثم إذا نقلنا كلام أئمة الجرح في
بعض الرواة والمتكلمين وأئمتهم الذين يحبونهم صدعونا بالكلام التالي :
قال ابن المبارك: ( من استخف بالعلماء ذهبت
أخرته ).
وقال أبو سنان الأسدي) : إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألةً في الدينِ ، يتعلم الوقيعة في الناس متى يفلحُ متى ...).
وقال أحمد بن حنبل : ( لحوم العلماء مسمومة من شمها
مَرِض ، ومن أكلها مات ) .
وقال ابن عساكر ) :اعلم أخي وفقنا الله وإياكَ لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاتهِ ، إن لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتـقصيهم معلومة ، لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمرٌ عظيم ، والتناول لأعراضهم بالزورِ والافتراء مرتعٌ وخيم ) .
وقال ابن عساكر : ) من أطلق لسانه في العلماء بالسب أو
الثلب ابتلاه الله قبل موته بموتِ القلب ) .
والسؤال : كيف يستحل المتمذهب الجرح في أئمة المذاهب الأخرى بينما لا يستحله في أئمة مذهبه ؟ وهل نفتري على أحد أو نتناول أعراضهم بالزور أم نردد ما قاله علماء جرحهم وتعديلهم في أئمتهم حفاظاً على الدين من التحريف ؟
ولقد ضاعت أعمارنا في الأزهر الفاطمي غير الشريف ثم على أيدي
السلفيين بعد تخرجنا منه , فما تعلمنا إلا الكفر ببعض الكتاب والزعم بنقصانه
وإبهامه .
والخلاصة :
من كان يؤمن بالقرآن كله وأنه ناسخ لما سواه غير منسوخ وأنه مبين
ومفصل في نفسه وتبيان وتفصيل لكل أمور الدين وأنه كاف كامل تام , فهو مؤمن وسيختلف
إيمانه وصلاته وصيامه وإنفاقه وحجه وبقية عباداته عن الفسوي وابن جني وابن خروف
وابن بطة وابن حجر .
أما من كان يكفر ببعض الكتاب تحت مسمى نسخ آثار المجاهيل والمغفلين
والمدلسين والوضاعين له , وأن القرآن ناقص لذا توجد آثار مكملة , وأنه مبهم لذا
توجد آثار مفسرة ويوجد أئمة مذاهب يفسرون أحكامه , فهو كافر بدين الله مؤمن بوساوس
شياطين الإنس والجن .
قال الله : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا
شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ
الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا
يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ
بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)
أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ
الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ
مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
(114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ
وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ
يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ
إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ
سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) " ( الأنعام ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله رب العالمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق