منزلة الآثار
كتب محمد الأنور
( أبو عبد الله المدني , تبيين الحق )
يقول السنيون
( الحشوية ) أن الآثار لها أربعة منازل , وهي :
المنزلة الأولى
: الآثار المقررة أو المؤكدة :
وأقول بل
اسمها الآثار الموافقة والمطابقة للقرآن , والقرآن لا يحتاج إلى ما يقرره أو يؤكده
.
ومشكلة هذه
الآثار في أسانيدها وليس متونها .
تنبيه :
الآثار الموافقة عند الأثريين تشمل الآثار الموافقة والآثار المحايدة , وهذا خطأ ,
فالآثار الموافقة توافق القرآن في كل كلمة أو معنى , أما الآثار المحايدة فأقصد
بها الآثار التي لا توافق وفي نفس الوقت لا تعارض .
المنزلة الثانية
: الآثار المفسرة لمبهمات القرآن المزعومة :
وأقول إن
الإيمان بهذه الآثار كفر بآيات كثيرة تدل على أن القرآن مبين في نفسه وأن الله
تعالى قد فصله تفصيلاً , بل وتبيان لكل شيء ديني , انظر رسالتي : القرآن مبين في
نفسه تبيان لكل شيء ديني .
ويستدل
المبتدعة على هذا النوع بعدة أمثلة مكذوبة , مثل : أثر حادثة الإفك , وأثر إكراه
عبد الله بن أبي بن سلول لجاريتيه على البغاء .
ويدخل في هذا
النوع الآثار المخصصة لعموم القرآن والآثار المقيدة لمطلق القرآن .
1 ـ الآثار
المخصصة لعموم القرآن :
يسوق المبتدعة
عدة أمثلة على هذه الآثار , وهي :
المثال الأول : تخصيص آيات المواريث بأثر
عدم التوارث بين ملتين .
قال تعالى :
" يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الْأُنْثَيَيْنِ ... " [النساء : 11] .
فلقد جاء
الحكم عاماً أي أن جميع الأولاد الأولاد يرثون من آبائهم وأمهاتهم .
يقول الحشوية
: ولكن الآثار قد خصصت هذا العموم فقد روي : "لا يتوارث أهل ملتين ولا يرث
مسلم كافراً، ولا كافر مسلماً" , فلو كان الأب كافراً والابن
مسلماً أو العكس فلا توارث بينهما، وكذلك إذا كان الزوج مسلماً والزوجة كتابية.
وأقول : هذا
افتراء على الله كذباً وكذب على النبي وتحريف لدين الله تعالى وضلال مبين , فهذا
الأثر باطل السند , وعلى افتراض صحة سنده فهو ظني الثبوت عند الاثريين أنفسهم ,
فالله تعالى لم يأخذ عهداً على نفسه بحفظ الآثار , بينما القرآن محفوظ قطعي الثبوت
كامل مبين , لذا يتوارث أهل الملتين .
المثال الثاني : تخصيص إباحة نكاح النساء
بأثر تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها
.
قال تعالى: " ... وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا
وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ
مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ
الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا " [النساء : 24] , فلقد
جاء الحكم عاماً , أي أن الله تعالى قد أحل لنا النكاح بالنساء غير المذكورات في
آيات المحرمات من النساء .
يقول الحشوية
: وهذا الحكم خصصته الآثار , فقد روي : "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على
خالتها" .
وأقول : هذا
افتراء على الله وكذب على النبي وتحريف لدين الله تعالى وضلال مبين , فهذا الأثر
باطل السند , وعلى افتراض صحة سنده فهو ظني الثبوت عند الأثريين أنفسهم , فالله
تعالى لم يأخذ عهداً على نفسه بحفظ الآثار , بينما القرآن محفوظ قطعي الثبوت كامل
مبين , ولقد ذكر الله تعالى كل المحرمات في الآية بالتفصيل وما كان ربك نسياً ,
لذا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها .
المثال الثالث : تخصيص تحريم الميتة والدم
, بأثر إباحة الحوت والجراد والكبد والطحال
.
قال تعالى: " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ
الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ ..." [المائدة : 3] , حيث جاء في الآية تحريم جميع
الميتات وجميع الدماء.
يقول الحشوية
: ولقد خصص هذا العموم بالآثار , فقد روي : "أحلت لنا ميتتان، ودمان، فأما
الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال" ، وروي أثر في البحر
"هو الطهور ماؤه الحل ميتته" , وهذا أيضاً لون من ألوان البيان لما
ورد في القرآن الكريم.
وأقول : هذا
افتراء على الله وكذب على النبي وتحريف لدين الله تعالى وضلال مبين , فهذا الأثران
باطلا السند , وعلى افتراض صحة سندههما فهما ظنيا الثبوت عند الأثريين أنفسهم ,
فالله تعالى لم يأخذ عهداً على نفسه بحفظ الآثار , بينما القرآن محفوظ قطعي الثبوت
كامل مبين .
وأقول : إن
كانت كلمة "الميتة" و "الدم" مجملتين متشابهتين عليكم فيجب
ردهما إلى المحكم المبين المفصل وهو في القرآن أيضاً , ولا يجوز رد المتشابه أو
المجمل إلى آثار المدلسين .
ولكي نعلم ما
المقصود بالميتة والدم لا بد من جمع الآيات الواردة فيهما .
قال تعالى :
" إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ
وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ
فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [البقرة : 173]
قال تعالى :
" إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ
وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ
فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [النحل : 115]
قال تعالى :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ
بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ
وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا
الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ
فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا
يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ
تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى
الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
(2) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا
أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ
وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ
وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ
فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ
وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ
نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ
غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) يَسْأَلُونَكَ
مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ
الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا
مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا
اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) " ( المائدة ) .
قال تعالى :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ
الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ
بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94) يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ
قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ
يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ
طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا
اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ
عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ
مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا
دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) " (
المائدة ) .
قال تعالى :
" قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ
يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ
خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ
اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ "
[الأنعام : 145]
وبالجمع بين
الآيات يتبين لنا ما المراد بالميتة المحرم أكلها ؟
فالميتة يقصد
بها ما لم يذكى من طعام البر الذي يذبح , كما تشمل ما أدرك ميتاً سواء كان من طعام
البر أو طعام البحر .
ولا يقصد
بالميتة ما تم اصطياده من البحر حياً , ثم مات بخروجه من الماء , لأن طعام البحر
لا يذبح .
وأؤكد إن من
كان ميتاً قبل اصطياده أو إدراكه فهو ميتة محرمة سواء كان من البر أو البحر , وهل
يجوز أكل السمك المنتن الذي مات قبل اصطياده بأيام ؟
لا , فهو ضار
بآكله , فضلاً عن أنه ليس من الصيد بل يطفوعلى الماء .
وهل يجوز أكل
ما مات بالسم سواء كان بالبر أو البحر ؟
لا , لأنه
يقتل آكله .
بل هل يجوز
أكل الذبيحة التي تركت حتى أنتنت وصارت جيفة ؟
لا .
والسؤال لمن
يزعم عموم كلمة الميتة في القرآن وآن آثار المدلسين هي التي خصصتها : هل الميتة
يقصد بها العموم بحيث يدخل فيها الذبيحة ـ فلقد ماتت بالذبح ـ ؟
لا , فهذا
مخالف للآيات .
فبالجمع بين
الآيات يتبين لنا أن كلمة الميتة ليست على العموم فلا يقصد بها الذبيحة ولا يقصد
بها ما تم اصطياده من البحر وهو حي , ولا يقصد بها ما تم اصطياده ولكنه لا يذبح ,
كالسمك والجراد .
ولو قلنا أن
الميتة تشمل طعام البحر الذي تم اصطياده وهو حي , ثم مات بعد خروجه من الماء ,
لكفرنا بالآيات التي تبيح طعام البحر والصيد .
قال تعالى :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ
بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ
وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ
وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ
رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ
شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ
وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى
النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ
فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ
أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ
تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ
عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) " ( المائدة ) .
قال تعالى :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ
الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ
بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94) يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ
قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ
يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ
طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا
اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ
عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ
مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ
حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) " ( المائدة )
.
قال تعالى :
" وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ
يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ
شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا
كَانُوا يَفْسُقُونَ " [الأعراف : 163]
قال تعالى :
" وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا
وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ
فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [النحل :
14]
قال تعالى :
" وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ
وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا
وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ
لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [فاطر : 12]
أما الدم فلقد
بينه الله تعالى وقيده بكلمة "مسفوحاً" , فضلاً عن أن الدم خلط من
الأخلاط في الطب العربي ونسيج سائل في الطب الكيميائي والجراحي وليس عضواً , بينما
الكبد والطحال عضوان , ولا يجوز شرعاً ولساناً وطباً وصف الكبد والطحال بأنهما دم
, لأن فيهما دم , فلا يجوز ذلك إلا بدليل من القرآن وبوجه في اللسان العربي وبكلام
علمي موزون .
المثال الرابع : تخصيص جلد الزاني
والزانية بآثار الرجم .
قال تعالى :
" الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ
جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " [النور : 2]
فلقد خصص
المبتدعة الزانية والزانية بأنهما البكران وليسا الثيبين , واستدلوا بآثار الرجم
الموضوعة , انظر رسالتي : بطلان الرجم شرعاً وعقلاً .
2 ـ الآثار
المقيدة لمطلق القرآن :
مثال : تقييد
قطع اليد بآثار تفيد القبضة وليس الذراع .
قال تعالى : "
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا
نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [المائدة : 38]
بقول الحشوية
: جاءت اليد مطلقة، واليد في اللغة تطلق على الطرف العلوي من الأصابع إلى الكتف، فجاءت السنة النبوية
القولية والفعلية بتقييد هذا الإطلاق فحددت اليد باليمنى والقطع من الرسغ.
وأقول : إن حد
السارق يحتاج إلى بحث , وجمع للآيات لمعرفة المقصود بالقطع واليد .
فهل المراد
بالقطع البتر كما يقال في المذاهب ؟
أم يراد
بالقطع الجرح ؟
وهذا يوافق
قوله تعالى : " فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ
وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا
وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ
أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ
كَرِيمٌ " [يوسف : 31]
أم يراد
بالقطع منع النعمة والإحسان والعطاء ؟
وقد يوافق ذلك
شرع من قبلنا , قال تعالى : " قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ
فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ " [يوسف : 75]
وهل المقصود
باليد القبضة أم الساعد أم الذراع أم القدرة والقوة أم النعمة والإحسان والعطاء ؟
وأقول: إن
اليد من كل شيء تعني القبضة , أو المقبض , ومنه يدُ السيف والسِّكِّين والفأْس
والرَّحَى .
واليد : القدرة والقوة .
واليَدُ : النِّعمةُ والإِحسان .
واليَدُ من
الثَّوب : كُمُّه
بينما
الذِّراعُ تعني اليد من كل حيوان ، لكنَّها من الإنسان : من المِرْفقِ إلى
الرسغ .
وذِراعُ الرَّجُلِ
:- : السَّاعِدُ .
الذراع بين
الكتف وكوع اليد
الساعد بين كوع اليد والرسغ
وذِراعٌ مِنْ
أَيْدِي البَقَرِ أَوِ الغَنَمِ :-: فَوْقَ الكُراعِ ، أَيْ مُسْتَدَقُّ السَّاقِ
العارِي مِنَ اللَّحْمِ .
ذِراعٌ مِنْ
أَيْدِي الإِبِلِ :- : فَوْقَ الوَظيفِ .
الذراع : من
المقاييس , عود يقاس به , يستعمل كمقياس مقداره ( 46 سنتم ) , وقيل : ما طوله بين
الخمسين والسبعين سنتمترا
وهذه بعض
الآيات التي ذكرت فيها كلمة يد :
قال تعالى :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ
سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ
حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ
مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا " [النساء : 43]
قال تعالى :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ
فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا
بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا
فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ
مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً
فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ
مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ
لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
" [المائدة : 6]
قال تعالى :
" إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ
فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ
أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ
لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ "
[المائدة : 33]
قال تعالى :
" وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا
نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [المائدة : 38]
قال تعالى :
" وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ
بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ
" [الأنعام : 7]
قال تعالى :
" لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ
لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ " [الأعراف : 124]
قال تعالى :
" أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا
أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا
قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ " [الأعراف :
195]
قال تعالى :
" الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ
بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا
اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " [التوبة :
67]
قال تعالى :
" فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ
مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ
" [هود : 70]
قال تعالى :
" فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ
لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ
عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ
حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ " [يوسف :
31]
قال تعالى :
" وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ
ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ
أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ " [يوسف : 50]
قال تعالى :
" أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ
وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ
جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ
وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا
تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ " [إبراهيم : 9]
قال تعالى :
" قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ
الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ
خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا
أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى " [طه : 71]
قال تعالى :
" قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ
الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ
أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ
" [الشعراء : 49]
قال تعالى :
" يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ
بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [النور : 24]
قال تعالى :
" الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ
وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " [يس : 65]
قال تعالى :
" اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ
إِنَّهُ أَوَّابٌ " [ص : 17]
قال تعالى :
" إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ
اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ
وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا
" [الفتح : 10]
قال تعالى :
" هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ
دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا
أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ
حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ
بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي
الْأَبْصَارِ " [الحشر : 2]
قال تعالى :
" إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ
أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ "
[الممتحنة : 2]
قال تعالى :
" بِأَيْدِي سَفَرَةٍ " [عبس : 15]
قال تعالى :
" وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ
وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ
وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا
وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ
وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ "
[المائدة : 64]
ما المراد
بأيديهم ؟
إنها القبضة
التي تنفق ؟
قال تعالى :
" فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ
يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا
فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ
" [البقرة : 79]
ما المراد
بأيديهم ؟
إنها القبضة
التي تكتب ؟
قال تعالى :
" سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا
قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ
يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ
فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا
لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا " [النساء : 91]
قال تعالى :
" وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي
اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا " [الفرقان : 27]
إن اليد
المخلوقة في كل ما سبق تعني القبضة .
وهذه الآيات
التي ذكر فيها الذراع :
قال تعالى :
" وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ
الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ
رُعْبًا " [الكهف : 18]
قال تعالى :
" ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ "
[الحاقة : 32]
قال تعالى :
" وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا
وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ " [هود : 77]
قال تعالى :
" وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ
ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا
امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ " [العنكبوت : 33]
وقد يقول
المبتدع أو الضال إن النادر لا حكم له , فالقرآن أكثره مبين , ولكن توجد بعض
الآيات القليلة المبهمة أو المجملة أو المتشابهة والتي لم تبين في القرآن ,
والنادر لا حكم له , لذا فالزعم بأنه توجد بعض الآثار مبينة لتلك الآيات لا يعارض
كون القرآن مبين في نفسه وتبيان لكل شيء ديني , لأن النادر لا حكم له .
وأقول : هذا
الكلام باطل ومخالف للقرآن وحكمة أرحم الراحمين ويطعن في رب العالمين ويتهمه
بالتعسير علينا وعدم حفظ الآثار المبينة , ولكني لن أجادل هذا الضال , بل قد وضعت
شروطاً لتلك الآثار المبيتة للمبتدع أو الضال أو الكافر الذي يصر على الإيمان بها
والعمل بما فيها , وهذه الشروط هي :
1 ـ صحة السند
.
2 ـ موافقة
المتن للقرآن , وعدم مخالفة أي آية فيه .
3 ـ ندرة
الآثار المبينة , لأنه قد استدل بقاعدة إن النادر لا حكم له .
وعدد آيات
القرآن (6236 )
آية , والسؤال ما هو النادر
بالنسبة لهذا العدد ؟
هل مائة أثر
يعد نادراً ؟ أم أن عشر آثار يعد نادراً ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المنزلة الثالثة
: الآثار المكملة لنواقص القرآن المزعومة أو الآثار المستقلة التي تشرِّع أحكاماً
أو تثبت أموراً دينية لم ترد في القرآن الكريم :
ويستدل
المبتدعة على هذه المنزلة بآثار باطلة , مثل : "ألا إني أوتيت القرآن
ومثله معه" .
كما يستدلون بفهم
فاسد لقوله تعالى: " وَمَا
آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا " [الحشر: 7]، فيقولون : يجب الأخذ
بما شرّعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أمثلة هذه
الآثار المكملة تحريم الذهب والحرير : "إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثها"،
والنهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية.
وأقول : كل
تلك الأثار باطلة السند ومنكرة المتن , فهي مخالفة لكتاب الله تعالى , قال تعالى :
" يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا
وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ
حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ
الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً
يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ
إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ
يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
(33) " ( الاعراف ) , وقال تعالى : " قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ
إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ
دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ " [الأنعام : 145]
أما الآية فهي
مبينة , وهل آتانا النبي إلا بالقرآن ؟ وهل القرآن ناقص ؟
وأما أثر فهم
عبد الله بن مسعود لهذه الآية ولعن النامصة والمتنمصة , فهو أثر مكذوب , انظر
رسالتي : الانقطاع بين إبراهيم النخعي وعلقمة وأثره على أصول الدين عن السلفيين .
المنزلة الرابعة
: الآثار الناسخة :
وأنا أسميها
الآثار اللاغية للقرآن , والإيمان بهذه الآثار كفر ببعض الكتاب , قال تعالى :
" ... أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا
جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ
بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " [البقرة : 85] , وقال تعالى : "
كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا
الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا
كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ
الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ
يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ
نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ
بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98)
وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) " ( الحجر ) .
ويستدل
المبتدعة على هذه المنزلة بعدة آثار مكذوبة قد حرفت دين الله تعالى وعطلت كتابه
العزيز , وسأذكر بعض الأمثلة على تلك التحريفات .
المثال الأول
: أثر الشِّعرة , وهو أثر مكذوب وقد لغى ونسخ وعطل به المبتدعة آيات الصلاة في
القرآن , فحرفوا أسماء الصلاة وعددها ومواقيتها وكيفيتها , انظر رسالتي : بيان
الصلاة التي أمر الله بها عباده .
المثال الثاني
: أثر "خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاَ ... " , وهو أثر مكذوب
والكثير من المحققين يعلمون ببطلانه , ومع ذلك لغوا ونسخوا وعطلوا به آيات الله
وحد الزاني والزانية الثيبين في كتاب الله وهو الجلد , وجعلوا الحد هو الرجم ,
وأضافوا التغريب على البكر , وهذا كله كفر ببعض الكتاب , انظر رسالتي : بطلان
الرجم شرعاً وعقلاً .
المثال الثالث
: أثر "لا وصية لوارث" , وهو أثر مكذوب , وهم يقرون ببطلانه ولكنهم
يتحججون بقولهم لقد تلقته الأمة بالقبول , والمصيبة أنهم قد لغوا ونسخوا وعطلوا به
كتاب الله تعالى , فلقد زعم المحرفون أن هذا الأثر المكذوب ناسخ لقوله تعالى :
" كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا
الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى
الْمُتَّقِينَ " [البقرة : 180] .
ولنتدبر
السياق :
قال تعالى :
" كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا
الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى
الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ
عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ
مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182) " ( البقرة ) .
والسؤال :
ألستم من المبدلين لأحكام الله تعالى من بعد ما سمعتموها ؟
هل الآيتان
الآخرتان منسوختان عندكم ؟
إن الله تعالى
يرد تحريفكم ويبطله في سورة المائدة , وأنتم تعترفون بأن سورة المائدة من آخر ما
أنزل , ولا يوجد فيها آية منسوخة
قال تعالى :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ
آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ
مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ
بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى
وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106) فَإِنْ
عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا
مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ
لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا
لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى
وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا
اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108) "
( المائدة ) .
ولو تمسكنا
بالقرآن وكتب كل واحد منا وصيته لاستراح الورثة ولزال الكثير من المشاكل بينهم ولم
تقطع الأرحام , فهذا عنده بيت ومع ذلك يريد البيت الذي يعيش فيه الصغير , وذاك غني
ومع ذلك يريد الفدان الذي يزرعه الفقير , وتلك زوجها يريد نصيباً في كل شيء مما
ترك أبوها , فيطرد الابن الصغير من المنزل , ويأخذ الغني مثل الفقير والصحيح مثل
العليل والكبير مثل الصغير , وهذا يعارض كتاب الله كما يعارض الفطرة والعقل والحكمة
.
بل يُكرِِه
الآباء البنات على الزواج من أولاد العمومة حتى لا يرث الغريب في الفدادين أو
العقارات , ولو آمنا بكتاب الله تعالى وعملنا بما فيه , لما ظلمنا بناتنا , بل
سيترك الأب لها الحرية تتزوج من تشاء إذا كان صالحاً , وسيوصي الأب بالفدان
والمنزل للذكور إن كان يريد ذلك وسيعوض البنت بالمال لأنه حقها في الإرث , وبذلك
نكون عملنا بآيتي الوصية , وبآيات المواريث , ولم نكفر أونعطل أحدهما , والإعمال
أولى من الإهمال .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والخلاصة :
1 ـ إن الآثار
الموافقة المطابقة للقرآن متنها صحيح فهي قطعية الثبوت ,ومن آمن بهذه الآثار
فسيتفق في كل المسائل مع من يؤمن بالقرآن فقط .
ولكن مشكلة
الآثار الموافقة في السند , فضلاً عن أن القرآن غني عنها وخير وأحسن منها .
2 ـ الآثار
المحايدة ظنية الثبوت حتى لو افترضنا صحة أسانيدها , لأن الله تعالى لم يحفظ الآثار
, وعلى ذلك فيجب التوقف فيها فلا يجوز الإيمان بها أو إنكارها .
3 ـ الآثار
المفسرة لمبهمات القرآن المزعومة , منكرة المتن وباطلة السند , والإيمان بها كفر
ببيان القرآن وتفصيله في نفسه وتبيانه وتفصيله لكل أمور الدين .
4 ـ الأثار
المكملة لنواقص القرآن المزعومة , منكرة المتن وباطلة السند , والإيمان بها كفر
بكفاية القرآن وكماله وتمامه ومخالف لشرع من قبلنا , إذ أنهم امروا بالكتاب فقط .
5 ـ الآثار
الناسخة أو اللاغية للقرآن , منكرة المتن وباطلة السند , والإيمان بها كفر ببعض
الكتاب , فالقرآن ناسخ غير منسوخ .
6 ـ طريقان لا
ثالث لهما : إما الإيمان بأن القرآن مبين ومفصل في نفسه وتبيان وتفصيل لكل أمور
الدين , وأنه كاف كامل تام , وأنه ناسخ غير منسوخ , وإما الكفر بذلك والإيمان بأنه
مبهم ناقص منسوخ ومن ثم الإيمان بآثار مفسرة لمبهماته ومكملة لنواقصه وناسخه
لآياته وأحكامه .
فاختر لنفسك
أي الطريقين ستسلك
ـــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله رب العالمين