الثلاثاء، 28 أبريل 2015

منزلة الآثار

منزلة الآثار

كتب محمد الأنور ( أبو عبد الله المدني , تبيين الحق )

يقول السنيون ( الحشوية ) أن الآثار لها أربعة منازل , وهي :

المنزلة الأولى :  الآثار المقررة أو المؤكدة :

وأقول بل اسمها الآثار الموافقة والمطابقة للقرآن , والقرآن لا يحتاج إلى ما يقرره أو يؤكده .

ومشكلة هذه الآثار في أسانيدها وليس متونها .

تنبيه : الآثار الموافقة عند الأثريين تشمل الآثار الموافقة والآثار المحايدة , وهذا خطأ , فالآثار الموافقة توافق القرآن في كل كلمة أو معنى , أما الآثار المحايدة فأقصد بها الآثار التي لا توافق وفي نفس الوقت لا تعارض .

المنزلة الثانية : الآثار المفسرة لمبهمات القرآن المزعومة :

وأقول إن الإيمان بهذه الآثار كفر بآيات كثيرة تدل على أن القرآن مبين في نفسه وأن الله تعالى قد فصله تفصيلاً , بل وتبيان لكل شيء ديني , انظر رسالتي : القرآن مبين في نفسه تبيان لكل شيء ديني .

ويستدل المبتدعة على هذا النوع بعدة أمثلة مكذوبة , مثل : أثر حادثة الإفك , وأثر إكراه عبد الله بن أبي بن سلول لجاريتيه على البغاء .

ويدخل في هذا النوع الآثار المخصصة لعموم القرآن والآثار المقيدة لمطلق القرآن .

1 ـ الآثار المخصصة لعموم القرآن :

يسوق المبتدعة عدة أمثلة على هذه الآثار , وهي  :

المثال الأول : تخصيص آيات المواريث بأثر عدم التوارث بين ملتين .

قال تعالى : " يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... " [النساء : 11] .

فلقد جاء الحكم عاماً أي أن جميع الأولاد الأولاد يرثون من آبائهم وأمهاتهم .

يقول الحشوية : ولكن الآثار قد خصصت هذا العموم فقد روي : "لا يتوارث أهل ملتين ولا يرث مسلم كافراً، ولا كافر مسلماً"  , فلو كان الأب كافراً والابن مسلماً أو العكس فلا توارث بينهما، وكذلك إذا كان الزوج مسلماً والزوجة كتابية.

وأقول : هذا افتراء على الله كذباً وكذب على النبي وتحريف لدين الله تعالى وضلال مبين , فهذا الأثر باطل السند , وعلى افتراض صحة سنده فهو ظني الثبوت عند الاثريين أنفسهم , فالله تعالى لم يأخذ عهداً على نفسه بحفظ الآثار , بينما القرآن محفوظ قطعي الثبوت كامل مبين , لذا يتوارث أهل الملتين .

المثال الثاني : تخصيص إباحة نكاح النساء بأثر تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها .

قال تعالى: " ... وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا " [النساء : 24] , فلقد جاء الحكم عاماً , أي أن الله تعالى قد أحل لنا النكاح بالنساء غير المذكورات في آيات المحرمات من النساء .

يقول الحشوية : وهذا الحكم خصصته الآثار , فقد روي : "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها" .

وأقول : هذا افتراء على الله وكذب على النبي وتحريف لدين الله تعالى وضلال مبين , فهذا الأثر باطل السند , وعلى افتراض صحة سنده فهو ظني الثبوت عند الأثريين أنفسهم , فالله تعالى لم يأخذ عهداً على نفسه بحفظ الآثار , بينما القرآن محفوظ قطعي الثبوت كامل مبين , ولقد ذكر الله تعالى كل المحرمات في الآية بالتفصيل وما كان ربك نسياً , لذا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها .

المثال الثالث : تخصيص تحريم الميتة والدم , بأثر إباحة الحوت والجراد والكبد والطحال .

قال تعالى:  " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ ..." [المائدة : 3] , حيث جاء في الآية تحريم جميع الميتات وجميع الدماء.

يقول الحشوية : ولقد خصص هذا العموم بالآثار , فقد روي : "أحلت لنا ميتتان، ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال" ، وروي أثر في البحر "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" , وهذا أيضاً لون من ألوان البيان لما ورد في القرآن الكريم.

وأقول : هذا افتراء على الله وكذب على النبي وتحريف لدين الله تعالى وضلال مبين , فهذا الأثران باطلا السند , وعلى افتراض صحة سندههما فهما ظنيا الثبوت عند الأثريين أنفسهم , فالله تعالى لم يأخذ عهداً على نفسه بحفظ الآثار , بينما القرآن محفوظ قطعي الثبوت كامل مبين .

وأقول : إن كانت كلمة "الميتة" و "الدم" مجملتين متشابهتين عليكم فيجب ردهما إلى المحكم المبين المفصل وهو في القرآن أيضاً , ولا يجوز رد المتشابه أو المجمل إلى آثار المدلسين .

ولكي نعلم ما المقصود بالميتة والدم لا بد من جمع الآيات الواردة فيهما .

قال تعالى : " إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [البقرة : 173]

قال تعالى : " إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [النحل : 115]

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) " ( المائدة ) .

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) " ( المائدة ) .

قال تعالى : " قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [الأنعام : 145]

وبالجمع بين الآيات يتبين لنا ما المراد بالميتة المحرم أكلها ؟

فالميتة يقصد بها ما لم يذكى من طعام البر الذي يذبح , كما تشمل ما أدرك ميتاً سواء كان من طعام البر أو طعام البحر .

ولا يقصد بالميتة ما تم اصطياده من البحر حياً , ثم مات بخروجه من الماء , لأن طعام البحر لا يذبح .

وأؤكد إن من كان ميتاً قبل اصطياده أو إدراكه فهو ميتة محرمة سواء كان من البر أو البحر , وهل يجوز أكل السمك المنتن الذي مات قبل اصطياده بأيام ؟

لا , فهو ضار بآكله , فضلاً عن أنه ليس من الصيد بل يطفوعلى الماء .

وهل يجوز أكل ما مات بالسم سواء كان بالبر أو البحر ؟

لا , لأنه يقتل آكله .

بل هل يجوز أكل الذبيحة التي تركت حتى أنتنت وصارت جيفة ؟

لا .

والسؤال لمن يزعم عموم كلمة الميتة في القرآن وآن آثار المدلسين هي التي خصصتها : هل الميتة يقصد بها العموم بحيث يدخل فيها الذبيحة ـ فلقد ماتت بالذبح ـ ؟

لا , فهذا مخالف للآيات .

فبالجمع بين الآيات يتبين لنا أن كلمة الميتة ليست على العموم فلا يقصد بها الذبيحة ولا يقصد بها ما تم اصطياده من البحر وهو حي , ولا يقصد بها ما تم اصطياده ولكنه لا يذبح , كالسمك والجراد .

ولو قلنا أن الميتة تشمل طعام البحر الذي تم اصطياده وهو حي , ثم مات بعد خروجه من الماء , لكفرنا بالآيات التي تبيح طعام البحر والصيد .

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) " ( المائدة ) .

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) " ( المائدة ) .

قال تعالى : " وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ " [الأعراف : 163]

قال تعالى : " وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [النحل : 14]

قال تعالى : " وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [فاطر : 12]

أما الدم فلقد بينه الله تعالى وقيده بكلمة "مسفوحاً" , فضلاً عن أن الدم خلط من الأخلاط في الطب العربي ونسيج سائل في الطب الكيميائي والجراحي وليس عضواً , بينما الكبد والطحال عضوان , ولا يجوز شرعاً ولساناً وطباً وصف الكبد والطحال بأنهما دم , لأن فيهما دم , فلا يجوز ذلك إلا بدليل من القرآن وبوجه في اللسان العربي وبكلام علمي موزون .

المثال الرابع : تخصيص جلد الزاني والزانية بآثار الرجم .

قال تعالى : " الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " [النور : 2]

فلقد خصص المبتدعة الزانية والزانية بأنهما البكران وليسا الثيبين , واستدلوا بآثار الرجم الموضوعة , انظر رسالتي : بطلان الرجم شرعاً وعقلاً .

2 ـ الآثار المقيدة لمطلق القرآن :

مثال : تقييد قطع اليد بآثار تفيد القبضة وليس الذراع .

قال تعالى : " وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [المائدة : 38]

بقول الحشوية : جاءت اليد مطلقة، واليد في اللغة تطلق على الطرف العلوي من الأصابع إلى الكتف، فجاءت السنة النبوية القولية والفعلية بتقييد هذا الإطلاق فحددت اليد باليمنى والقطع من الرسغ.

وأقول : إن حد السارق يحتاج إلى بحث , وجمع للآيات لمعرفة المقصود بالقطع واليد .

فهل المراد بالقطع البتر كما يقال في المذاهب ؟

أم يراد بالقطع الجرح ؟

وهذا يوافق قوله تعالى : " فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ " [يوسف : 31]

 أم يراد بالقطع منع النعمة والإحسان والعطاء ؟

وقد يوافق ذلك شرع من قبلنا , قال تعالى : " قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ " [يوسف : 75]

وهل المقصود باليد القبضة أم الساعد أم الذراع أم القدرة والقوة أم النعمة والإحسان والعطاء ؟

وأقول: إن اليد من كل شيء تعني القبضة , أو المقبض , ومنه يدُ السيف والسِّكِّين والفأْس والرَّحَى 

واليد : القدرة والقوة .

واليَدُ : النِّعمةُ والإِحسان .

واليَدُ من الثَّوب : كُمُّه 

بينما الذِّراعُ تعني اليد من كل حيوان ، لكنَّها من الإنسان : من المِرْفقِ إلى الرسغ .

وذِراعُ الرَّجُلِ :- : السَّاعِدُ .

الذراع بين الكتف وكوع اليد 

الساعد بين كوع اليد والرسغ

وذِراعٌ مِنْ أَيْدِي البَقَرِ أَوِ الغَنَمِ :-: فَوْقَ الكُراعِ ، أَيْ مُسْتَدَقُّ السَّاقِ العارِي مِنَ اللَّحْمِ .


ذِراعٌ مِنْ أَيْدِي الإِبِلِ :- : فَوْقَ الوَظيفِ 

الذراع : من المقاييس , عود يقاس به , يستعمل كمقياس مقداره ( 46 سنتم ) , وقيل : ما طوله بين الخمسين والسبعين سنتمترا

وهذه بعض الآيات التي ذكرت فيها كلمة يد :

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا " [النساء : 43]

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [المائدة : 6]

قال تعالى : " إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ " [المائدة : 33]

قال تعالى : " وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " [المائدة : 38]

قال تعالى : " وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ " [الأنعام : 7]

قال تعالى : " لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ " [الأعراف : 124]

قال تعالى : " أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ " [الأعراف : 195]

قال تعالى : " الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " [التوبة : 67]

قال تعالى : " فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ " [هود : 70]

قال تعالى : " فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ " [يوسف : 31]

قال تعالى : " وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ " [يوسف : 50]

قال تعالى : " أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ " [إبراهيم : 9]

قال تعالى : " قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى " [طه : 71]

قال تعالى : " قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ " [الشعراء : 49]

قال تعالى : " يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [النور : 24]
قال تعالى : " الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " [يس : 65]

قال تعالى : " اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ " [ص : 17]

قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا " [الفتح : 10]

قال تعالى : " هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ " [الحشر : 2]

قال تعالى : " إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ " [الممتحنة : 2]

قال تعالى : " بِأَيْدِي سَفَرَةٍ " [عبس : 15]

قال تعالى : " وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ " [المائدة : 64]

ما المراد بأيديهم ؟

إنها القبضة التي تنفق ؟

قال تعالى : " فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ " [البقرة : 79]

ما المراد بأيديهم ؟

إنها القبضة التي تكتب ؟

قال تعالى : " سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا " [النساء : 91]

قال تعالى : " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا " [الفرقان : 27]

إن اليد المخلوقة في كل ما سبق تعني القبضة .

وهذه الآيات التي ذكر فيها الذراع :

قال تعالى : " وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا " [الكهف : 18]

قال تعالى : " ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ " [الحاقة : 32]

قال تعالى : " وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ " [هود : 77]

قال تعالى : " وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ " [العنكبوت : 33]


وقد يقول المبتدع أو الضال إن النادر لا حكم له , فالقرآن أكثره مبين , ولكن توجد بعض الآيات القليلة المبهمة أو المجملة أو المتشابهة والتي لم تبين في القرآن , والنادر لا حكم له , لذا فالزعم بأنه توجد بعض الآثار مبينة لتلك الآيات لا يعارض كون القرآن مبين في نفسه وتبيان لكل شيء ديني , لأن النادر لا حكم له .

وأقول : هذا الكلام باطل ومخالف للقرآن وحكمة أرحم الراحمين ويطعن في رب العالمين ويتهمه بالتعسير علينا وعدم حفظ الآثار المبينة , ولكني لن أجادل هذا الضال , بل قد وضعت شروطاً لتلك الآثار المبيتة للمبتدع أو الضال أو الكافر الذي يصر على الإيمان بها والعمل بما فيها , وهذه الشروط هي :

1 ـ صحة السند .

2 ـ موافقة المتن للقرآن , وعدم مخالفة أي آية فيه .

3 ـ ندرة الآثار المبينة , لأنه قد استدل بقاعدة إن النادر لا حكم له .

وعدد آيات القرآن (6236  ) آية , والسؤال ما هو النادر بالنسبة لهذا العدد ؟

هل مائة أثر يعد نادراً ؟ أم أن عشر آثار يعد نادراً ؟


ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


المنزلة الثالثة : الآثار المكملة لنواقص القرآن المزعومة أو الآثار المستقلة التي تشرِّع أحكاماً أو تثبت أموراً دينية لم ترد في القرآن الكريم :

ويستدل المبتدعة على هذه المنزلة بآثار باطلة , مثل :  "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" .

كما يستدلون بفهم فاسد لقوله تعالى: " وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا " [الحشر: 7]، فيقولون : يجب الأخذ بما شرّعه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن أمثلة هذه الآثار المكملة تحريم الذهب والحرير : "إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثها"، والنهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية.

وأقول : كل تلك الأثار باطلة السند ومنكرة المتن , فهي مخالفة لكتاب الله تعالى , قال تعالى : " يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33) " ( الاعراف ) , وقال تعالى : " قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [الأنعام : 145]

أما الآية فهي مبينة , وهل آتانا النبي إلا بالقرآن ؟ وهل القرآن ناقص ؟

وأما أثر فهم عبد الله بن مسعود لهذه الآية ولعن النامصة والمتنمصة , فهو أثر مكذوب , انظر رسالتي : الانقطاع بين إبراهيم النخعي وعلقمة وأثره على أصول الدين عن السلفيين .

المنزلة الرابعة : الآثار الناسخة :

وأنا أسميها الآثار اللاغية للقرآن , والإيمان بهذه الآثار كفر ببعض الكتاب , قال تعالى : " ... أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ " [البقرة : 85] , وقال تعالى : "  كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93) فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) " ( الحجر ) .

ويستدل المبتدعة على هذه المنزلة بعدة آثار مكذوبة قد حرفت دين الله تعالى وعطلت كتابه العزيز , وسأذكر بعض الأمثلة على تلك التحريفات .

المثال الأول : أثر الشِّعرة , وهو أثر مكذوب وقد لغى ونسخ وعطل به المبتدعة آيات الصلاة في القرآن , فحرفوا أسماء الصلاة وعددها ومواقيتها وكيفيتها , انظر رسالتي : بيان الصلاة التي أمر الله بها عباده .

المثال الثاني : أثر "خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاَ ... " , وهو أثر مكذوب والكثير من المحققين يعلمون ببطلانه , ومع ذلك لغوا ونسخوا وعطلوا به آيات الله وحد الزاني والزانية الثيبين في كتاب الله وهو الجلد , وجعلوا الحد هو الرجم , وأضافوا التغريب على البكر , وهذا كله كفر ببعض الكتاب , انظر رسالتي : بطلان الرجم شرعاً وعقلاً .

المثال الثالث : أثر "لا وصية لوارث" , وهو أثر مكذوب , وهم يقرون ببطلانه ولكنهم يتحججون بقولهم لقد تلقته الأمة بالقبول , والمصيبة أنهم قد لغوا ونسخوا وعطلوا به كتاب الله تعالى , فلقد زعم المحرفون أن هذا الأثر المكذوب ناسخ لقوله تعالى : " كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ " [البقرة : 180] .

ولنتدبر السياق :

قال تعالى : " كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (182) " ( البقرة ) .

والسؤال : ألستم من المبدلين لأحكام الله تعالى من بعد ما سمعتموها ؟

هل الآيتان الآخرتان منسوختان عندكم ؟

إن الله تعالى يرد تحريفكم ويبطله في سورة المائدة , وأنتم تعترفون بأن سورة المائدة من آخر ما أنزل , ولا يوجد فيها آية منسوخة

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108) " ( المائدة ) .

ولو تمسكنا بالقرآن وكتب كل واحد منا وصيته لاستراح الورثة ولزال الكثير من المشاكل بينهم ولم تقطع الأرحام , فهذا عنده بيت ومع ذلك يريد البيت الذي يعيش فيه الصغير , وذاك غني ومع ذلك يريد الفدان الذي يزرعه الفقير , وتلك زوجها يريد نصيباً في كل شيء مما ترك أبوها , فيطرد الابن الصغير من المنزل , ويأخذ الغني مثل الفقير والصحيح مثل العليل والكبير مثل الصغير , وهذا يعارض كتاب الله كما يعارض الفطرة والعقل والحكمة .

بل يُكرِِه الآباء البنات على الزواج من أولاد العمومة حتى لا يرث الغريب في الفدادين أو العقارات , ولو آمنا بكتاب الله تعالى وعملنا بما فيه , لما ظلمنا بناتنا , بل سيترك الأب لها الحرية تتزوج من تشاء إذا كان صالحاً , وسيوصي الأب بالفدان والمنزل للذكور إن كان يريد ذلك وسيعوض البنت بالمال لأنه حقها في الإرث , وبذلك نكون عملنا بآيتي الوصية , وبآيات المواريث , ولم نكفر أونعطل أحدهما , والإعمال أولى من الإهمال .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

والخلاصة :

1 ـ إن الآثار الموافقة المطابقة للقرآن متنها صحيح فهي قطعية الثبوت ,ومن آمن بهذه الآثار فسيتفق في كل المسائل مع من يؤمن بالقرآن فقط .

ولكن مشكلة الآثار الموافقة في السند , فضلاً عن أن القرآن غني عنها وخير وأحسن منها .

2 ـ الآثار المحايدة ظنية الثبوت حتى لو افترضنا صحة أسانيدها , لأن الله تعالى لم يحفظ الآثار , وعلى ذلك فيجب التوقف فيها فلا يجوز الإيمان بها أو إنكارها . 

3 ـ الآثار المفسرة لمبهمات القرآن المزعومة , منكرة المتن وباطلة السند , والإيمان بها كفر ببيان القرآن وتفصيله في نفسه وتبيانه وتفصيله لكل أمور الدين .

4 ـ الأثار المكملة لنواقص القرآن المزعومة , منكرة المتن وباطلة السند , والإيمان بها كفر بكفاية القرآن وكماله وتمامه ومخالف لشرع من قبلنا , إذ أنهم امروا بالكتاب فقط .

5 ـ الآثار الناسخة أو اللاغية للقرآن , منكرة المتن وباطلة السند , والإيمان بها كفر ببعض الكتاب , فالقرآن ناسخ غير منسوخ .

6 ـ طريقان لا ثالث لهما : إما الإيمان بأن القرآن مبين ومفصل في نفسه وتبيان وتفصيل لكل أمور الدين , وأنه كاف كامل تام , وأنه ناسخ غير منسوخ , وإما الكفر بذلك والإيمان بأنه مبهم ناقص منسوخ ومن ثم الإيمان بآثار مفسرة لمبهماته ومكملة لنواقصه وناسخه لآياته وأحكامه .

فاختر لنفسك أي الطريقين ستسلك

ـــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله رب العالمين



الأحد، 26 أبريل 2015

وجوب الإيمان بتحريف الآثار


بطلان حجية الآثار

كتب : محمد الأنور ( أبو عبد الله المدني , تبيين الحق ) :

وجوب الإيمان بتحريف الآثار

وفيما يلي بعض الأدلة عندي على تحريف الآثار :

1 ـ أن القرآن هو المحفوظ فقط , بينما الآثار محرفة وغير محفوظة :

قال تعالى : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " [الحجر : 9]

والمراد بالذكر هنا هو القرآن ولم يقصد به الآثار .

اقرأ رسالتي ما هو الذكر المحفوظ ؟

فالقرآن وحده هو المحفوظ , بينما الآثار محرفة وضائعة , ولم يأخذ الله تعالى عهداً على نفسه بحفظها , فالقرآن كاف .

ويستحيل على البشر حفظ الآثار , فكتب الآثار لا تعد ولا تحصى كما أن منها الضائع والمحرف , وهي مليئة بالأكاذيب والشواذ والمنكرات والتدليسات والمراسيل , ومن ثم انتشرت الأباطيل بين من يؤمنون بالآثار .

قال تعالى : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " [الحج : 52]

فالقرآن فقط هو الذي أحكم الله آياته , ولم يذكر ذلك في الآثار .

قال تعالى : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " [الأنعام : 112]

قال تعالى : " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " [البقرة : 102]

قال تعالى : " وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " [الأنعام : 137]

ومن المناسب الاستعاذة لعدم التحريف .

قال تعالى : " فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100) " ( النحل ) .

قال تعالى : " وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) " ( الأعراف ) .

قال تعالى : " حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9) مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10) هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11) " ( الجاثية ) .

قال تعالى : "  وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) " ( المرسلات ) .

والسؤال : فبأي حديث بعد القرآن يؤمنون ؟

كيف يعارضون أحسن الحديث بأحاديث المدلسين والمغفلين والوضاعين بل وينسخون الحق بالباطل ؟

نحن مأمورون بالإيمان بالقرآن فقط , فهو الذي تولى الله تعالى جمعه وحفظه .

هل المدلسون والمغفلون والوضاعون أصدق عندكم من الله تعالى ؟

قال تعالى : " اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا " [النساء : 87]

قال تعالى : " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا " [النساء : 122]

2 ـ أن الله تعالى تولى جمع الكتاب وقرآنه , بينما لم يتول جمع الآثار :

قال تعالى : " لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) " ( القيامة ) .

3 ـ عدم جمع السلف للآثار واستحالة جمع الخلف لها :

فالسلف لم يجمعوا الآثار ويستحيل جمعها في أي وقت , فلو جمعنا المحدثين في غرفة وقلنا لهم اجمعوا الآثار لصحيحة واتفقوا على عدة أحاديث لاختلفوا وتنابذوا , واتهموا بعضهم بالتشدد والتساهل .

ومن زعم أن عبد الله بن عمرو بن العاص قد كتب , فأقول له : إن هذا الزعم حجة عليك للأسباب التالية :

السبب الأول : ضياع تلك الصحيفة المزعومة .

والسؤال : أين هذه الصحيفة المزعومة ؟

تقولون : ضاعت صحيفته الصادقة .

والسؤال : ما معنى أن الله تعالى قد أمر وأذن من فوق سبع سماوات بضياع صحيفة من كتب ؟

هل هذا يعني لكم أن الله تعالى قد حفظ تلك الآثار ؟

السبب الثاني : إن عبد الله بن عمرو بن العاص ليس من السابقين أو المهاجرين أو الأنصار , ولقد التقى بالنبي صلى الله عليه وسلم في آخر عمره , فكم أثراً كتب ؟

السبب الثالث : أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان يسمع الإسرائيليات , لذا فإن الكثير من آثاره التي رواها لا يتيقن أحد هل هي مرفوعة أم من الإسرائليليات ؟

وكم من أثر موقوف هو من الإسرائليات , وكم من أثر مرفوع قد أخطأ الرواة في رفعه وهو من الإسرائليات , مثل أثر ( خلق الله التربة يوم السبت ... ) في صحيح مسلم  .


4 ـ أن القرآن لا يفترى من دون الله , بينما الآثار فيها الكثير مفترى :

قال تعالى : " وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ " [يونس : 37]


5 ـ أن القرآن لا ريب فيه , بينما الآثار التي يزعمون صحتها ظنية الثبوت ظنية الدلالة , ولقد ذم الله تعالى اتباع الظن وأمرنا باجتناب الكثير من الظن :

قال تعالى : " ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ " [البقرة : 2]

قال تعالى : " وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ " [يونس : 37]

قال تعالى : " تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ " [السجدة : 2]

فالقرآن لا ريب فيه , بينما الآثار فهي محرفة وما ظنًّه الناس صحيح السند لقرون عديدة قد تبين بطلانه , مثل أثر ( كفراً بواحاً ... ) وهو متفق عليه , ولقد حققته فوحدته مكذوباً , ومثل أثر الشِّعرة وآثار الرجم وآثار قتل المرتد  .

وإن سلمنا بوجود بعض الآثار صحيحة السند وهي قليلة جداً فهي ظنية الثبوت ومنها ما هو ظني الدلالة , فالله تعالى لم يأخذ عهداً على نفسه بحفظ الآثار , ولو أخذ عهداً على نفسه بحفظ الآثار لجمع الآثار الصحيحة منذ قرون ولما اختار المدلسين والمغفلين لنقل تلك الآثار , ولما انتشرت الأباطيل بين الناس .

وحتى إن كان الأثر ظاهر المتن مبين فهو ظني الدلالة لأنه قد يكون خاصاً بهذا الوقت أو ذاك الصحابي أو تلك الحال , بينما القرآن صالح ومصلح لكل زمان ومكان من البعثة إلى قيام الساعة , ويؤكد هذا أن السلف لم يكتبوا الآثار , ورووا آثار تفيد النهي عن كتابتها ومحو ما كتب منها .

فالآثار التي يزعمون صحتها ظنية الثبوت ومنا ما هو ظني الدلالة , ولقد ذم الله تعالى اتباع الظن وأمرنا باجتناب الكثير من الظن :

قال تعالى : " وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ " [الأنعام : 116]

قال تعالى : " وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا " [النساء : 157]

قال تعالى : " سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ " [الأنعام : 148]

قال تعالى : " فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) " ( يونس ) .

قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) " ( النجم ) .

والذي أحسن هو الذي اتبع الأحسن وهو القرآن , قال تعالى : " وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ " [الزمر : 55].

قال تعالى : " أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ " [يونس : 66]

قال تعالى : " إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى " [النجم : 23]

قال تعالى : " إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا " [الأحزاب : 10]

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ " [الحجرات : 12]


6 ـ أن القرآن هو الوحي المنزل من عند الله تعالى , أما الآثار فهي على أصناف:

قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " [البقرة : 174]

قال تعالى : " وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ " [الأنعام : 91]

قال تعالى : " وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (156) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ (157) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (158) إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160) قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165) " ( الأنعام ) .

قال تعالى : " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " [يوسف : 2]

قال تعالى : " نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ " [يوسف : 3]

قال تعالى : " كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ " [الرعد : 30]

قال تعالى : " وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا " [الإسراء : 73]

قال تعالى : " طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4) " ( طه ) .

قال تعالى : " فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا " [طه : 114]

قال تعالى : " وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ " [النمل : 6]

قال تعالى : " يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7) " ( يس ) .

قال تعالى : " وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ " [فاطر : 31]

قال تعالى : " لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ " [الحديد : 25]

قال تعالى : " وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ " [الزخرف : 31]

قال تعالى : " وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ " [الشورى : 7]

قال تعالى : " شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ " [الشورى : 13]

قال تعالى : " فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ " [الشورى : 15]

قال تعالى : " اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ " [الشورى : 17]

قال تعالى : " وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " [الشورى : 52]

قال تعالى : " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ " [محمد : 9]

قال تعالى : " إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى " [النجم : 23]

قال تعالى : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا " [الإنسان : 23]

أما الآثار فلقد وقع الخلاف في الأحكام الشرعية التي في الآثار هل هي وحي أم لا ؟

قال محمد رشيد رضا في تفسيره : ( وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ الْوَارِدَةَ فِي السُّنَّةِ مُوحًى بِهَا ، وَأَنَّ الْوَحْيَ لَيْسَ مَحْصُورًا فِي الْقُرْآنِ ) انتهى .

وأقول : أي حكم شرعي في الآثار زائد عن أحكام القرآن أو مخالف لها هو تحريف وليس من الوحي في شيء .

وأقول إن الآثار على أصناف :

أ ـ إما أن تكون وحياً , وستكون حينئذ موافقة للقرآن وليست لاغية ( ناسخة ) له أو مخالفة أو مكملة لنقصانه المزعوم .

مثال : عن أَبي أُمَامَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَامَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، فَقَالَ: " هَلْ تَوَضَّأْتَ حِينَ أَقْبَلْتَ؟ "، قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: " هَلْ صَلَّيْتَ مَعَنَا حِينَ صَلَّيْنَا؟ "، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: " اذْهَبْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَفَا عَنْكَ " .( مسند أحمد ) .

تنبيه : هذا الأثر متفق عليه , ولكنهم رووه بأسانيد ضعيفة , وأنا في تخريجي لا أذكر إلا المصادر التي روت الأثر بأسانيد ومتون صحيحة .

وهذا الأثر موافق لآيات كثيرة تدل على سقوط الحد بالتوبة قبل القدرة , ووجوب الستر على الناس وعدم فضحهم , وعدم المجاهرة بالمعصية , بينما يخالف هذا الأثر آثار الرجم الموضوعة التي تخالف حد الزاني والزانية في كتاب الله , وتزعم عدم سقوط الحد بالتوبة قبل القدرة , فضلاً عن أنها توجب الفضيحة والمجاهرة بالسوء , ولا تحسن القتل , ولا ترحم الصغار والرضع الذي يحتاجون إلى أمهاتهم .

وعلى ذلك فمن سلك السبيل الأول وآمن بالقرآن فقط , سيقول بعدم وجود رجم في الإسلام وضرورة ستر الناس , وبسقوط الحد  بالتوبة قبل القدرة , وبالرحمة والإحسان .

ومن سلك السبيل الثاني وآمن بالقرآن والآثار بالضوابط التي وضعتها , سيقول أيضاً بعدم وجود رجم في الإسلام وضرورة ستر الناس , وبسقوط الحد  بالتوبة قبل القدرة , وبالرحمة والإحسان .

وبذلك تكون اتفقت الأمة ولم تفتر على الله كذباً ولم تكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ولم تحرف دين الله تعالى .

انظر رسالتي : سبيلان لا ثالث لهما : إما الإيمان بالقرآن , وإما الإيمان بالقرآن والآثار ولكن بضوابط

ب ـ وإما أن تكون اجتهادات , فقد تصيب وقد تخطئ , فالأتبياء بشر والبشر غير معصومين .

قال تعالى : " عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) " ( عبس ) .

وتقول الفرق الضالة بأن الذي عبس في وجه الأعمى هو النبي صلى الله عليه وسلم , ويستدلون بأثر باطل السند فهو من رواية هشام بن عروة وهو مدلس , ومن رواية أحمد بن بشير القرشي الهمداني وهو ضعيف وقيل متروك , ولكن في استدلالهم بهذا الأثر حجة عليهم بأن اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم غير محفوظ , مثله مثل بقية الأنبياء .

كما تستدل الفرق الضالة بأثر تلقيح ( تأبير ) النخل , وهو أثر مكذوب , باطل السند منكر ومضطرب المتن , ولكن في استدلالهم بهذا الأثر حجة عليهم بأن اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم غير محفوظ , مثله مثل بقية الأنبياء .


ج ـ وإما أن تكون عن شورى , فقد تصيب وقد تخطئ , لأن الصحابة غير معصومين .

قال تعالى : " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " [آل عمران : 159]

والفرق الضالة تقر بأن الشورى ليست معصومة ولم يحفظها الله تعالى , حيث تستدل الفرق الضالة بآثار مكذوبة هي حجة عليهم .

مثل : أثر أسرى بدر وأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ برأي عمر , وهذا أثر مكذوب مخالف للآيات نفسها , فهو باطل السند منكر المتن , ولكن في استدلالهم بهذا الأثر حجة عليهم بأن الشورى غير محفوظة .

كما تستدل الفرق الضالة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ برأي من قال بالخروج إلى العدو في غزوة أحد , وهو أثر مرسل ضعيف , ولكن في استدلالهم بهذا الأثر حجة عليهم بأن الشورى غير محفوظة .


د ـ وإما أن تكون من وساوس شياطين الإنس والجن .

قال تعالى : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " [الحج : 52]

فالقرآن فقط هو الذي أحكم الله آياته , ولم يذكر ذلك في الآثار .

قال تعالى : " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ " [الأنعام : 112]


هـ ـ وإما أن تكون من تحريفات المغفلين والمدلسين والوضاعين .

وما أكثر تلك الآثار في كتب الآثار , ولا يستطيع أحد إنكارها .

7 ـ اختلاف روايات الأثر الواحد :

وهو ما يسمى باضطراب المتن , وهذا يدل على أن هذا الأثر بتلك الروايات ليس من عند الله , قال تعالى : "  أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا " [النساء : 82] .

8 ـ اختلاف الآثار وتعارضها فيما بينها :

وما أكثر ما نجد أثراً يخالف ويعارض أثراً أو عدة آثار أخرى , ثم يتكلفون في الجمع بين المتناقضات , فيصبحون أضحوكة عند العقلاء , وهذا يدل على أن تلك الآثار المتعارضة ليست من عند الله , قال تعالى : "  أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا " [النساء : 82] .

مثال : سأكتفي بمثال يبين اختلاف أثرين في المتن , والمصيبة أن الفرق الضالة قد صححتهما لأنهما في صحيح مسلم , والسؤال : إذا لم تتبينوا وتحققوا ألا تعقلون ؟ أفلا تتفكرون ؟

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ، فَإِذَا تَصَافُّوا، قَالَتْ الرُّومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: لَا وَاللَّهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا، فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ، إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ، فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ " . ( صحيح مسلم ) .

عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، إِذْ هَبَّتْ رِيحٌ حَمْرَاءُ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ، مَا لَهُ هِجِّيرَى إِلا قَوْلُهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، جَاءَتِ السَّاعَةُ، يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، جَاءَتِ السَّاعَةُ، وَاسْتَوَى جَالِسًا، يُعْرَفُ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، وَكَانَ مُتَّكِئًا عَلَى سَرِيرٍ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّ السَّاعَةَ لا تَقُومُ حَتَّى لا يُقْسَمَ مِيرَاثٌ، وَلا يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ، ثُمَّ قَالَ: عَدُوٌّ لِلْمُسْلِمِينَ يَجْمَعُ لَهُمْ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي قَتَادَةَ: الشَّامَ يَعْنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَيَكُونُ عِنْدَ ذَلِكَ الْقِتَالُ رَدَّةٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: وَيَسْتَمِدُّ الْمُسْلِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَيَلْتَقُونَ وَيَقْتَتِلُونَ قِتَالا شَدِيدًا، قَالَ: ثُمَّ يُشْرَطُ شُرْطَةٌ لِلْمَوْتِ لا تَرْجِعُ إِلا غَالِبَةً، فَيَلْتَقُونَ فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، وَيَفِيءُ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ، وَكُلٌ غَيْرُ غَالِبٍ وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي، يُشْرَطُ شُرْطَةٌ لِلْمَوْتِ، فَيَلْتَقُونَ فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ، وَكُلٌ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، يُشْرَطُ شُرْطَةٌ لِلْمَوْتِ، فَيَلْتَقُونَ فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجِزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِيءُ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ، وَكُلٌ غَيْرُ غَالِبٍ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ، فَإِذَا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ، نَهَدَ إِلَيْهِمْ بَقِيَّةُ الْمُسْلِمِينَ، فَيَفْتَحُ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِمْ، فَيَنْظُرُ بَنُو الأَبِ كَانُوا يَتَعَادُّونَ عَلَى مِائَةٍ، لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلا رَجُلٌ فَأَيُّ مِيرَاثٍ يُقْسَمُ، أَوْ بِأَيِّ غَنِيمَةٍ يُفْرَحُ؟ قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ سَمِعُوا أَمْرًا أَكْبَرَ مِنْهُ، الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ عَلَى ذَرَارِيِّهِمْ وَأَهَالِيهِمْ، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " فَيَبْعَثُ أَمِيرُهُمْ طَلِيعَةً، عَشَرَةَ فَوَارِسَ، إِنِّي لأَعْلَمْ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ، هُمْ يَوْمَئِذٍ خَيْرُ فَوَارِسَ فِي الأَرْضِ، أَوْ مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ فِي الأَرْضِ " ( صحيح مسلم , مسند أبي داود الطيالسي واللفظ له ) .

9 ـ اختلاف الآثار مع القرآن :

فالآثار لا تلغي الآيات , سواء كانت هذه الآيات من شرعنا أو شرع من قبلنا , فإن الرب واحد وإن الدين واحد ولكن توجد بعض الاختلافات بين شرعنل وشرع من قبلنا وذلك من باب التيسير وليس للتشديد كما في تلك الآثار المكذوبة , فضلاً عن أن الآثار لا تلغي ( لا تنسخ ) شرعنا أو شرع من قبلنا المذكوران في القرآن .

انظر رسالتي بطلان النسخ .

10 ـ اختلاف الآثار مع الفطرة :

فأي أثر يخالف الفطرة فهو أثر مكذوب .

قال تعالى : " فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " [الروم : 30]

قال تعالى : " فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) " ( البقرة ) .


11 ـ اختلاف الآثار مع العقل والحكمة والعلم :

فلقد أمرنا الله تعالى بالتدبر والتفكر , وبين الآيات لعلنا نتفكر ونعقل , وأي أثر يخالف العقل والحكمة والعلم فهو مكذوب ..

قال تعالى : " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا " [النساء : 82]

قال تعالى : " أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ " [المؤمنون : 68]

قال تعالى : " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا " [محمد : 24]

قال تعالى : " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ " [ص : 29]

قال تعالى : " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ " [البقرة : 219]

قال تعالى : " أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ " [البقرة : 266]

قال تعالى : " الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " [آل عمران : 191]

قال تعالى : " قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ " [الأنعام : 50]

قال تعالى : " إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " [يونس : 24]

قال تعالى : " بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " [النحل : 44]

قال تعالى : " لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " [الحشر : 21]

12 ـ أن الله تعالى أمرنا بعدم الاختلاف :

لو جمعنا المحدثين ليجمعوا لنا الصحيح لاختلفوا وتنازعوا , كما أن الآثار مختلفة فيما بينها , فضلاً عن أن روايات الأثر الواحد مختلفة , وهذا كله قد أدى إلى اختلاف الأمة في دين الله تعالى , وكل يتبع دليلاً يظن أنه صحيح , وهذا الحال من الاختلاف والتفرق والتنازع لم يأمر به الله تعالى , فلقد أمرنا الله تعالى بعدم الاختلاف أو التفرق أو التنازع :

قال تعالى : " وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) " ( هود ) .

قال تعالى : " شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ " [الشورى : 13]

قال تعالى : " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " [آل عمران : 103]

قال تعالى : " وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ " [الأنفال : 46]

13 ـ أن السبيل الوحيد لعدم الاختلاف أو التفرق هو التمسك والاعتصام بكتاب الله تعالى فقط :

قال تعالى : " وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ " [الأعراف : 170]

قال تعالى : " فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) " ( الزخرف ) .

قال تعالى : " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " [آل عمران : 103]

قال تعالى : " إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا " [النساء : 146]

قال تعالى : " فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا " [النساء : 175]

قال تعالى : " وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ " [الحج : 78]

14 ـ أن الله تعالى أمرنا إذا حدث اختلاف أن يكون حكمه إلى الله تعالى :

قال تعالى : " وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " [النحل : 64]

قال تعالى : " وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ " [الشورى : 10]

قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " [النساء : 59]

وقد يقال إن رده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يدل على حجية الآثار .

والسؤال لم يقول هذا الكلام : هل سيحكم النبي صلى الله عليه وسلم بغير كتاب الله ؟

هل كان النبي صلى الله عليه وسلم كافرأ أو ظالماً أو فاسقاً عندكم حتى يترك كتاب الله ؟

إن الرسول لن يحكم بغير كتاب الله ولن يخرج عن كتاب الله , فإن النبي صلى الله عليه وسلم بشر مثلنا قد أوحي إليه هذا القرآن , وهو قاض يحكم بين الناس بهذا الفرقان .

قال تعالى : " وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ " [الشورى : 10]

قال تعالى : " إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا " [النساء : 105]

قال تعالى : " وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ " [المائدة : 49]


15 ـ اعتراف الفرق الضالة بالتحريف والكذب على النبي صلى الله عليه وسلم في السلف والخلف :

فالحشوية يعترفون بحدوث الكذب والتحريف في العصور الأولى .

قال مسلم : ( وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، - قَالَ سَعِيدٌ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، - عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ جَاءَ هَذَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - يَعْنِي بُشَيْرَ بْنَ كَعْبٍ - فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عُدْ لِحَدِيثِ كَذَا وَكَذَا ‏.‏ فَعَادَ لَهُ ثُمَّ حَدَّثَهُ فَقَالَ لَهُ عُدْ لِحَدِيثِ كَذَا وَكَذَا ‏.‏ فَعَادَ لَهُ فَقَالَ لَهُ مَا أَدْرِي أَعَرَفْتَ حَدِيثِي كُلَّهُ وَأَنْكَرْتَ هَذَا أَمْ أَنْكَرْتَ حَدِيثِي كُلَّهُ وَعَرَفْتَ هَذَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّا كُنَّا نُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ لَمْ يَكُنْ يُكْذَبُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ تَرَكْنَا الْحَدِيثَ عَنْهُ ) .

وقال مسلم : ( وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ إِنَّمَا كُنَّا نَحْفَظُ الْحَدِيثَ وَالْحَدِيثُ يُحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّا إِذْ رَكِبْتُمْ كُلَّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ فَهَيْهَاتَ ) .

وقال مسلم : ( وَحَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ، سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَيْلاَنِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، - يَعْنِي الْعَقَدِيَّ - حَدَّثَنَا رَبَاحٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ جَاءَ بُشَيْرٌ الْعَدَوِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَجَعَلَ يُحَدِّثُ وَيَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ لاَ يَأْذَنُ لِحَدِيثِهِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ مَا لِي لاَ أَرَاكَ تَسْمَعُ لِحَدِيثِي أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلاَ تَسْمَعُ ‏.‏ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّا كُنَّا مَرَّةً إِذَا سَمِعْنَا رَجُلاً يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْتَدَرَتْهُ أَبْصَارُنَا وَأَصْغَيْنَا إِلَيْهِ بِآذَانِنَا فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ لَمْ نَأْخُذْ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ مَا نَعْرِفُ ) .

كما يؤمنون بكثرة الكذب بعد العصور الأولى :

عَنْ عَبْدِ اللَّه بن مسعودِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ ". ( متفق عليه ) .

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ".

وهو أثر باطل , إلا أن بعضهم صححه , فصار حجة عليه في أن هذا العلم سيحرف , وسيأتي الله تعالى بمن ينفي عنه هذا التحريف .

16 ـ بطلان أصح الأسانيد المزعومة فما بالنا بما هو دونها :

انظر رسالتي : الانقطاع بين إبراهيم النخعي وعلقمة وأثره على أصول الدين عند السلفيين , ورسالتي : أكذوبة أصح الأسانيد .

وأما رواية مالك عن نافع عن ابن عمر , فأقول : مالك بن أنس يدلس تدليس التسوية , وهو أحقر أنواع التدليس , لذا لا بد من التصريح بالسماع من عنده إلى آخر السند .

وأما نافع فهو يرسل , لذا لا بد من تصريحه بالسماع .

وكما هو معلوم فإن كل الرواة يدلسون ويرسلون لذا أشترط في السند ثبوت تلقي عين الحديث أو ثبوت التصريح بالسماع من أول السند إلى آخره .

17 ـ وجود آثار باطلة في أصح كتابين عند الفرق الضالة :

تقول الحشوية ( السنيون ) أن الصحيحين هما أصح كتابين بعد كتاب الله تعالى , ومع ذلك يقرون بوجود آثار باطلة فيهما وفي بقية كتب الآثار , ويقولون : أبى الله إلا أن يتم كتابه .

وهذه جملة خاطئة فهي افتراء على الله تعالى , وهل إذا كتب كل واحد منا كتاباً لا بد أن يكون فيه خطأ ؟

كما يقولون أن المحدثين ليسوا بمعصومين .

ولقد حققت آثاراً كثيرة في الصحيحين المزعومين فوجدت الكثير باطلاً .

والسؤال : إذا كانت أصح كتب الآثار عندكم فيها أباطيل فهل هذا يدل على حفظ الآثار أم تحريفها ؟


18 ـ أن أئمة الحديث مجروحون :

فكلهم أو أغلبهم مدسلون , مثل البخاري ومسلم ومالك بن أنس , وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وهشيم وقتادة والأعمش والزهري .

انظر رسالتي : التدليس يجري في دماء أهل الحديث .

19 ـ عدم عصمة الرواة وإن كانوا أئمة أو ثقات :

يعترف السنيون بأخطاء الأئمة والثقات , حيث يعترفون بعدم عصمة الرواة , وسنجد كلمات لأئمة الجرح والتعديل تدل على أخطاء الثقات , مثل : وكل ثقة يخطئ , لا يكاد يخطئ , عامة ما يرويه مستقيم , يؤخذ منه ما لم يخالف فيه , يهم قليلاً , يخطئ قليلاً , وقولهم عن مجموعة أقران : ثقات , ولكن فلاناً أسندهم أو أصحهم أو أتمهم , فهذا يدل على أن الآخرين يخطئون .

لذا فإنهم ينظرون في الراوي هل تكثر منه الأخطاء أم لا ؟

فإن كثرت فهو ضعيف , وإن قلت فهو ثقة .

كما أنهم يحكمون على المتن بالاضطراب والنكارة بل وبالوضع رغم أن السند صحيح عندهم , ويعللون ذلك بأن كل ثقة يخطئ , وأنه لم يتعمد الوضع فالأثر موضوع عن غير عمد .

وانظر رسالتي : أكذوبة أصح الأسانيد .

20 ـ اعترافهم بأخطاء النسَّاخ .

وهذا كثير ما يحدث .

21 ـ اعترافهم بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة الآثار بل ومحو ما كتب منها :

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا تَكْتُبُوا عَنِّي، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ، فَلْيَمْحُهُ وَحَدِّثُوا عَنِّي، وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ "، قَالَ هَمَّامٌ: أَحْسِبُهُ، قَالَ: " مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " ( صحيح مسلم ) .

وقد يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن لعبد الله بن عمرو بن العاص في كتابة الآثار , وأنه كان يكتب كما قال أبو هريرة , وأقول الأثران باطلان , ولكن على افتراض صحتهما , فأين تلك الصحيفة الصادقة المزعومة ؟

ماذا يعني أن الله تعالى قد أمر من فوق سبع سماوات بضياع تلك الصحيفة ؟

هل ضياع تلك الصحيفة يدل عندكم على أن الآثار محفوظة ؟

22 ـ نهي السلف عن كتابة الآثار :

عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ السُّنَنَ، فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ، فَأَشَارُوا عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَهَا، فَطَفِقَ يَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهَا شَهْرًا، ثُمَّ أَصْبَحَ يَوْمًا وَقَدْ عَزَمَ اللَّهُ لَهُ، فَقَالَ: " إِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْتُبَ السُّنَنَ، وَإِنِّي ذَكَرْتُ قَوْمًا كَانُوا قَبْلَكُمْ كَتَبُوا كُتُبًا، فأَكَبُّوا عَلَيْهَا وَتَرَكُوا كِتَابَ اللَّهِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لا أُلْبِسُ كِتَابَ اللَّهِ بِشَيْءٍ أَبَدًا " . ( الجامع لمعمر بن راشد , المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي , ذم الكلام وأهله لعبد الله الأنصاري ) .

وروي عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنه قال فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : " لَتَرْكَبْنَ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ.حلْوُهَا وَمُرُّهَا " ( ذم الكلام وأهله لعبد الله الأنصاري  ) .

والآثار كثيرة في نهي السلف عن كتابة غير القرآن وفي محو ما كتب .

وأقول : لم يصل الحال إلى الانكباب على الآثار وترك كتاب الله فقط , بل وصل الحال إلى نسخ كتاب الله تعالى بتلك الآثار , وجعل من يخالفها هو الزنديق المارق من دين الله تعالى .

23 ـ وجوب رد المتشابه إلى المحكم وليس إلى آثار المغفلين والمدلسين والوضاعين :

قال تعالى : " هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9) " ( آل عمران ) .

قال تعالى : " الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ " [هود : 1]

قال تعالى : " وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) " ( محمد ) .

قال تعالى : " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ " [الزمر : 23]

الكتاب متشابه مع الكتب السابقة .

والإحكام : إتقان الصنع .

محكمة : متقنة , غير منسوخة , مفصَّلة .

قيل : المحكم : ما لا يحتمل من التأويل غير وجه واحد .

والمتشابه ما احتمل أوجهاً .

وقيل المحكم : ما يعرف معناه وتكون حججه واضحة ودلائله لائحة لا تشتبه .

أما المتشابه فهو الذي يدرك علمه بالنظر ، ولا يعرف العوام تفصيل الحق فيه من الباطل .

وقيل المحكم : ما يستقل بنفسه في المعنى .

والمتشابه ما لا يستقل بنفسه إلا برده إلى غيره .

وقيل : قوله تعالى : "محكمات" أي مبينات مفصلات ، سميت محكمات من الإحكام ، كأنه أحكمها فمنع الخلق من التصرف فيها لظهورها ووضوح معناها , وقوله تعالى "هن أم الكتاب"  أي أصله الذي يعمل عليه في الأحكام

فإن قيل كيف فرق هاهنا بين المحكم والمتشابه وقد جعل كل القرآن محكما في مواضع أخر؟ . فقال تعالى : "الر كتاب أحكمت آياته"  (هود : 1) , وجعله كله متشابها [ في موضع آخر ] فقال تعالى  : "الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها" ( الزمر : 23 ) .

قيل : حيث جعل الكل محكماً ، أراد أن الكل حق ليس فيه عبث ولا هزل ، وحيث جعل الكل متشابها أراد أن بعضه يشبه بعضا في الحق والصدق وفي الحسن وجعل هاهنا بعضه محكما وبعضه متشابها 

والقاعدة هي رد الآية المتشابهة المجملة إلى الآية المحكمة المبينة المفصلة وليس إلى الآثار .

والسؤال : لماذا خالفتم هذا الحق ورددتم المتشابه إلى آثار المدلسين .

كيف تردون المجمل إلى آثار تخالف المجمل والمبين في القرآن وتلغيه ( تنسخه ) ؟

24 ـ تنزيه رب العالمين عن إساءة اختيار حفظة الآثار إن كان يريد حفظها :

وهل يحفظ أحكم الحاكمين الآثار بعصابة من الوضاعين والمدلسين والمغفلين والمختلطين ؟

25 ـ تنزيه رب العالمين عن العجز عن جمع الآثار الصحيحة إن كان يريد جمعها :

إذا كان الله تعالى عهد بحفظ الآثار كما يزعم المفترون , فهل يعجز عن جمعها حتى تنتشر آلاف الأباطيل بين الناس , وحتى يختلف المحدثون فيما بينهم في آلاف الآثار , وحتى تكثر كتب الآثار , ومن ثم يستحيل علينا جمعها واتفاقنا على الصحيح منها .

26 ـ تنزيه الله تعالى عن تلك الآثار التي لا تليق بذاته وتصد الناس عن دين الله وتثير شبهات ما أنزل الله بها من سلطان .

27 ـ تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن تلك الآثار المخالفة للقرآن وتلك الآثار القذرة والكلمات القبيحة التي فيها .

مثل : أثر "أنكتها" المخالف لحد الزانية والزاني المحصنين في القرآن , وأثر "الشِّعرة" الذين يزعمون نسخه لآيات الصلاة في كتاب الله تعالى .

والخلاصة : الآثار محرفة , ومن قال أنها محفوظة فهو كاذب مفتر , فضلاً عن اتهامه لرب العالمين بأنه قد وعد بحفظ الآثار ثم عجز عن حفظها , أو أنه قد وعد بحفظ الآثار ثم أساء اختيار حفظتها فاختار المغفلين والمدلسين والوضاعين .

تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً , فالله تعالى قد وعد بحفظ القرآن فقط , ولو أراد حفظ الآثار لقال ذلك ولأمر وأذن بذلك وما تركها للمدلسين والمغفلين والوضاعين , وما ترك الكثير منها يضيع ويحرق ويتلف , ولكن هل نحن بحاجة إلى أي أثر ؟

إن القرآن كاف ليس به نقص , مبين غير مبهم , ناسخ غير منسوخ .

ـــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله رب العالمين