بطلان حجية
الآثار
كتب محمد الأنور :
مسرحية الإفك خير
دليل على خطأ الأثريين
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالَ لَهَا: أَهْلُ
الْإِفْكِ مَا قَالُوا وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا
وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ، وَأَثْبَتَ لَهُ
اقْتِصَاصًا وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي
حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا وَإِنْ كَانَ
بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالُوا: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ
أَزْوَاجِهِ فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ
غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي
وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ دَنَوْنَا مِنْ الْمَدِينَةِ
قَافِلِينَ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ
فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ
إِلَى رَحْلِي فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ
انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، قَالَتْ:
وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي
فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ وَهُمْ يَحْسِبُونَ
أَنِّي فِيهِ وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ وَلَمْ
يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ فَلَمْ
يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ
جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ فَسَارُوا وَوَجَدْتُ عِقْدِي
بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ
دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ وَظَنَنْتُ
أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي
مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ
السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَأَصْبَحَ عِنْدَ
مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ
رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي
فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي وَوَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ وَلَا
سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ
رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ
يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ
الظَّهِيرَةِ وَهُمْ نُزُولٌ، قَالَتْ: فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ وَكَانَ الَّذِي
تَوَلَّى كِبْرَ الْإِفْكِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، قَالَ
عُرْوَةُ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ
فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ، وَقَالَ عُرْوَةُ أَيْضًا: لَمْ
يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الْإِفْكِ أَيْضًا إِلَّا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ
بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِي نَاسٍ آخَرِينَ لَا عِلْمَ لِي
بِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّ كِبْرَ
ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، قَالَ عُرْوَةُ:
كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ وَتَقُولُ: إِنَّهُ
الَّذِي قَالَ:
فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ
وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ
قَالَتْ عَائِشَةُ:
فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا وَالنَّاسُ
يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الْإِفْكِ، لَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا
يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ
يَقُولُ: " كَيْفَ تِيكُمْ "، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَذَلِكَ يَرِيبُنِي
وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ
مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا وَكُنَّا لَا نَخْرُجُ
إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا
مِنْ بُيُوتِنَا، قَالَتْ: وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي
الْبَرِّيَّةِ قِبَلَ الْغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ
نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، قَالَتْ: فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ
وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمُّهَا
بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَابْنُهَا مِسْطَحُ
بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ
مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ
مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا
قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا، فَقَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ وَلَمْ
تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قَالَتْ: وَقُلْتُ مَا قَالَ، فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ
أَهْلِ الْإِفْكِ، قَالَتْ: فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ
إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ،
ثُمَّ قَالَ: " كَيْفَ تِيكُمْ "، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ
آتِيَ أَبَوَيَّ، قَالَتْ: وَأُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ
قِبَلِهِمَا، قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ
لِأُمِّي: يَا أُمَّتَاهُ مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ
هَوِّنِي عَلَيْكِ فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً
عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قَالَتْ:
فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالَتْ:
فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا
أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، قَالَتْ: وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ
صلى
الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ
اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْأَلُهُمَا وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ،
قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ وَبِالَّذِي يَعْلَمُ
لَهُمْ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَهْلَكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا،
وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُضَيِّقْ اللَّهُ عَلَيْكَ
وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالَتْ: فَدَعَا
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ فَقَالَ: " أَيْ بَرِيرَةُ
هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟ " قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي
بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ، غَيْرَ
أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي
الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قَالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ
وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ
يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي عَنْهُ أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَاللَّهِ
مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا
عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي
"، قَالَتْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ،
فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْذِرُكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ
ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا
فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْخَزْرَجِ وَكَانَتْ أُمُّ
حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ وَهُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ
الْخَزْرَجِ، قَالَتْ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنْ
احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا
تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا
أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ
سَعْدٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ
لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ، قَالَتْ:
فَثَارَ الْحَيَّانِ الْأَوْسُ، وَالْخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا
وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، قَالَتْ:
فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى
سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَرْقَأُ لِي
دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قَالَتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ
بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ
بِنَوْمٍ حَتَّى إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَا
أَبَوَايَ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ
مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا
نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْنَا
فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ
قَبْلَهَا وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ،
قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ
جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا
وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ
أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ
إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ "، قَالَتْ: فَلَمَّا
قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ قَلَصَ
دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِّي فِيمَا قَالَ، فَقَالَ أَبِي: وَاللَّهِ
مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ
لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا
قَالَ، قَالَتْ أُمِّي: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم فَقُلْتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ مِنَ
الْقُرْآنِ كَثِيرًا: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ
حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ
إِنِّي بَرِيئَةٌ لَا تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنْ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي فَوَاللَّهِ لَا
أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ
وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ
عَلَى فِرَاشِي وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ
مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ
مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ
أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي
اللَّهُ بِهَا، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَجْلِسَهُ
وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ
مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ
الْعَرَقِ مِثْلُ الْجُمَانِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ
الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم وَهُوَ يَضْحَكُ فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ
قَالَ: " يَا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ "، قَالَتْ:
فَقَالَتْ لِي أُمِّي قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ
فَإِنِّي لَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ عز وجل قَالَتْ: وَأَنْزَلَ
اللَّهُ تَعَالَى : " إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ
مِنْكُمْ " الْعَشْرَ الْآيَاتِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِي
بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ
بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ، وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى
مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ
اللَّهُ: " وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ إِلَى قَوْلِهِ
غَفُورٌ رَحِيمٌ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى وَاللَّهِ
إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ
الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ
أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ
زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ لِزَيْنَبَ: " مَاذَا عَلِمْتِ
أَوْ رَأَيْتِ؟ " فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي
وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي
كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَصَمَهَا
اللَّهُ بِالْوَرَعِ، قَالَتْ: وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا
فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ
حَدِيثِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ، ثُمَّ قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ
إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ،
فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قَالَتْ:
ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " . ( متفق عليه
واللفظ للبخاري ) .
إن أثر حادثة الإفك عند البخاري ومسلم وسائر الأثريين به عدة
نكات لا تدل إلا على حمق الأثريين :
النكتة الأولى : أن المبرأة عائشة , وفي نفس الوقت المبرأة مارية :
النكتة الثانية : اتهام عائشة بطفل .
يزعم السنيون أن المفترى عليها عائشة , واستدلوا بمسرحية الإفك في البخاري ومسلم وغيرهما , بينما تزعم الشيعة أن المفترى عليها مارية واستدلوا بأثر مكذوب عند مسلم وصححه إمام المتساهلين الألباني , وهو :
عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ وَلَدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " لِعَلِيٍّ اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ "، فَأَتَاهُ عَلِيٌّ، فَإِذَا هُوَ فِي رَكِيٍّ يَتَبَرَّدُ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: اخْرُجْ فَنَاوَلَهُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ فَكَفَّ عَلِيٌّ عَنْهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَمَجْبُوبٌ مَا لَهُ ذَكَرٌ " . ( صحيح مسلم ) .
وهذا الأثر باطل السند منكر المتن , وهل يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الزاني أو الزانية ؟
وهل حد الزاني والزانية القتل ؟
بل الجلد هو المبين في القرآن الكافي الكامل التام المبين المفصل التبيان الناسخ غير المنسوخ , أما الرجم فهو أكذوبة من أكاذيب المحرفين .
النكتة الثانية : اتهام عائشة بطفل .
لقد جاء في مسرحية الإفك أن عائشة قد اتهموها بصفوان بن المعطل السلمي , وهو صفوان بن المعطل بن ربيعة بن خزاعي بن
محارب , ولقد ولد قبل الهجرة بثلاث سنوات , وتوفي سنة ثمان وخمسين , وقيل
سنة ستين بسميساط وبه جزم الطبري , أي أنه توفي عن عمر ثلاث وستين سنة .
الشاهد أن صفوان بن المعطل كان طفلاً عند الهجرة ثم غلاماً عند
موت النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن ثم فهو ليس من صحابة النبي , فإن الرجل الكبير لا يصاحب
طفلاً أو غلاماً .
ويتفرع عن معرفة تاريخ ميلاد صفوان مصيبتان عند الفرق الضالة :
المصيبة الأولى : أن له سبعة آثار , والسؤال : كيف تتلقفون تلك
الآثار من غلام لم يكن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؟
المصيبة الثانية : أن الأثريين يقولون أن حادثة الإفك وقعت في
غزوة المريسيع ( غزوة بني المصطلق ) , وهذه الغزوة كانت في السنة الخامسة من
الهجرة عند عامة أهل المغازي ، أما ابن إسحاق المدلس الهالك فهو يرى أنها في السنة
السادسة من الهجرة .
والسؤال : هل ابن ثمان أو تسع يخرج للغزوة ؟
وهل اتهم المنافق والصحابة عائشة بطفل ابن ثمان أو تسع ؟
إن الله تعالى ذكر الإفك في كتابه , والإعجاز أنه لم يذكر اسم
المظلوم أو الظالم , فذكر الأسماء ليس من الحكمة في شيء , والقرآن صالح ومصلح لكل
زمان ومكان , فإنه يبين الحكم ولا يذكر الأسماء , فذكرها من قبيل الثرثرة التي يتنزه عنها كتاب الله .
لذا نحن لا نعلم من الظالم ومن المظلوم , ولم يتعبدنا ربنا
بمعرفة أسماء الظلمة والمظلومين في القصة , فنحن لا نعلم هل المفترى عليها عائشة
أم امرأة أخرى أم أنه كان رجلاً ؟ ولكن الله علمنا ماذا نفعل إذا حدث هذا الظلم .
فذكر الأسماء لن ينفعنا في شيء , ولو كان نافعاً لبينه الله
تعالى في القرآن الكافي الكامل المبين المفصل التبيان الناسخ غير المنسوخ .
لقد جاء في مسرحية الإفك : ( قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قَالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) ( صحيح البخاري ) .
النكتة الثالثة : صفوان لم يكشف كنف أنثى قط حتى قتل , وفي نفس الوقت صفوان لا يصبر على صوم زوجته .
لقد جاء في مسرحية الإفك : ( قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قَالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) ( صحيح البخاري ) .
سؤال : هل صفوان لم يكشف كنف أنثى قط حتى قتل كما في مسرحية الإفك , أم أنه كان متزوجاً وكان لا يصبر على صيام زوجته فيفطرها كما في الأثر التالي ؟
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ عِنْدَهُ.فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَوْجِي صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ، وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.قَالَ وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ: قَالَ: فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَتْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا قَوْلُهَا يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، فَإِنَّهَا تَقْرَأُ بِسُورَتَيْنِ وَقَدْ نَهَيْتُهَا، قَالَ: فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتِ النَّاسَ.وَأَمَّا قَوْلُهَا يُفَطِّرُنِي، فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ فَتَصُومُ وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلَا أَصْبِرُ.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ: " لَا تَصُومُ امْرَأَةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا ".وَأَمَّا قَوْلُهَا إِنِّي لَا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ، لَا نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.قَالَ: " فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ ". ( سنن أبي داود واللفظ له , مسند أحمد , صحيح ابن حبان , المستدرك على الصحيحين , مستخرج أبي عوانة , السنن الكبرى للبيهقي , مسند أبي يعلي الموصلي , مسند السراج , حديث السراج برواية الشحامي , مشكل الآثار للطحاوي , الأسماء المبهمة والأنباء المحكمة , تاريخ دمشق لابن عساكر , وقال ابن حجر في فتح الباري : رجاله رجال الصحيح وله متابعة جيدة , وقال أيضاً في تعجيل المنفعة : إسناده جيد , وقال أيضاً في تعجيل المنفعة : بسند صحيح , وصححه في الإصابة 2/ 191وقال الألباني في صحيح أبي داود : صحيح , وقال في السلسلة الصحيحة : إسناده صحيح على شرط الشيخين , وقال في إرواء الغليل : صحيح على شرط الشيخين , وقال في تخريج مشكاة المصابيح : إسناده صحيح , وقال الوادعي في الصحيح المسند : صحيح على شرط الشيخين , وصححه الساعاتي في الفتح الرباني 16/ 231، وهو ظاهر صنيع ابن القيم؛ فإنه قد ناقش قول بعض من ضعفه، كما في تهذيب السنن 3/ 336 وإعلام الموقعين 4/ 317 , وقال العظيم آبادي في عون المعبود : له متابعة , أما أحمد شاكر في عمدة التفسير فقد أشار في المقدمة إلى صحته) .
النكتة الرابعة : صفوان رجل صالح وفي نفس الوقت خبيث اللسان :
هل كان كان صفوان رجلاً صالحاً كما في مسرحية الإفك ؟
فلقد جاء في مسرحية الإفك ( وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا )
أم أنه كان خبيث اللسان كما في الأثر التالي ؟
عَنْ سَعْدٍ، شَكَا رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ، فَقَالَ: إِنَّ صَفْوَانَ هَجَانِي، وَكَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ، قَالَ: " دَعُوا صَفْوَانَ فَإِنَّهُ خَبِيثُ اللِّسَانِ طَيِّبُ الْقَلْبِ " . ( التاريخ الكبير للبخاري , وقال الشوكاني في در السحابة : إسناده رجاله رجال الصحيح غير عامر بن صالح بن رستم وهو ثقة ) .
النكتة الخامسة : إحياء سعد بن معاذ من الموت :
جاء في مسرحية الإفك : ( فَقَامَ
سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَعْذِرُكَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ
مِنْ إِخْوَانِنَا مِنْ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ ) . ( صحيح البخاري ) .
ومن المعلوم أن سعداً بن معاذ قد مات قبل حادثة الإفك , فلقد مات إثر فتح بني قريظة وكان هذا في آخر ذي القعدة من السنة الرابعة , أي قبل غزوة
بني المصطلق والتي كانت في السنة الخامسة أو السادسة .
بينما قال ابن إسحاق : إن غزوة الأحزاب وقعت في شوال من سنة خمس ، وغزوة بني المصطلق في
شعبان من سنة ست . ( سيرة ابن هشام , 3/ 165) .
أي أن غزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة قد وقعتا قبل غزوة بني المصطلق .
والسؤال : كيف أحياه الأثريون حتى يتكلم في مسرحية الإفك ؟
وكيف يتلقف الأثريون تلك الآثار في البخاري ومسلم ثم ينشرونها
بين الناس بدون تبين فيصدون عن سبيل الله بسبب هذا التعارض الذي لا يقبله أي عاقل
؟
هل يجرؤ أثري أن يصدع بالحق ويقول أن أثر البخاري ومسلم معلول ؟
ولقد أجاب أئمة التلفيق على هذا التعارض , كما يلي :
التلفيق
الأول : إن بعض الروايات لمسرحية الإفك في غير البخاري ومسلم قد ذكر فيها أسيد بن الحضير
بدلاً من سعد بن معاذ .
قلت : نعم , فقد جاء في الجامع
في تفسير القرآن لعبد الله بن وهب : (115)-
[351] قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: كَيْفَ
تَرَوْنَ فِي رَجُلٍ يُجَادِلُ بَيْنَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ، وَيُسِيءُ
الْقَوْلَ لأَهْلِ رَسُولِ اللَّهِ وَقَدْ بَرَّأَهُمُ اللَّهُ، ثُمَّ قَرَأَ مَا
أنزل اللَّهُ فِي بَرَاءَةِ عَائِشَةَ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: إِنْ كَانَ
مِنَّا قَتَلْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِنَا جَاهَدْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدُ
بْنُ عُبَادَةَ: إِنَّكَ وَاللَّهِ، لا تَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَمَا
تَسْتَطِيعُهُ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَتَتَكَلَّمُ دُونَ مُنَافِقٍ
عَدُوَّ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ: فِيمَا تُكْثِرُونَ؟
دَعُونَا مِنْ هَذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ إِنْ يَأْمُرْنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ
لَمْ نَنْظُرْ هَلْ تَمْنَعُهُ، فَلَمْ تَبْرَحِ الْمَقَالَةُ بِهِمْ حَتَّى
تَدَاعَوْا بِالأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي ذَلِكَ " فَمَا
لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا
أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ " ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ
هَذِهِ الآيَةِ يَنْصُرُهُ أَحَدٌ وَلا يَتَكَلَّمُ فِيهِ أَحَدٌ، قَالَ: فَلَقَدْ
كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ يَأْتِيهِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ،
فَيَأْخُذُ بِلِحْيَتِهِ وَيَقُولُ: اخْرُجْ مُنَافِقٌ، خَبِيثٌ، فَيَقُولُ: أَمَا
أَحَدٌ يَنْصُرُنِي مِنْ أُسَيْدِ بَنِي ثَعْلَبَةَ هَذَا؟ فَمَا يَتَكَلَّمُ
فِيهِ أَحَدٌ .
والسؤال : هل
صار الصحيحان معلولين وغير صحيحين عندكم لذا بحثتم في غيرهما ؟
وهل سورة
النساء نزلت في هذا الوقت ؟
إنكم تقولون
أن ترتيب سورة الأحزاب حسب النزول هو 89 أو 90 .
وأن ترتيب
سورة النساء حسب النزول هو 91 أو 92 .
وأن ترتيب
سورة النور حسب النزول هو 102 .
والسؤال : كيف تزعم هذه الرواية أن سورة النساء قد نزلت في حادثة الإفك , بينما تقولون أن سورة
النساء قد نزلت قبل سورة النور وحادثة الإفك ؟
وكيف تدلسون
على الناس وتستدلون بالباطل ؟
هل هذه الرواية صحيحة ؟
علل
السند :
1
ـ الإرسال .
2
ـ زيد بن أسلم القرشي , قال ابن حجر في التقريب : ثقة عالم وكان يرسل , وقال يحيى
بن معين : ( سمع من ابن عمر ، ولم يسمع من جابر بن عبد الله ، ولم يسمع من أبي
هريرة ) , وذكر ابن عبد البر الأندلسي ما يدل على أنه كان يدلس وقال : ( أحد ثقات
أهل المدينة ، وكان يشاور في زمن القاسم وسالم ) , وقال سفيان بن عيينة : ( كان
رجلا صالحا وكان في حفظه شيء ) ، وقال أيضاً : ( من علماء المدينة ووجوههم ) ,
وقال عبيد الله بن عمر العمري : ( لا أعلم به بأسا ، إلا أنه يفسر برأيه القرآن
ويكثر منه ) .
3
ـ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم , وهو ضعيف .
التلفيق
الثاني : إن غزوة بني المصطلق قد وقعت قبل غزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة .
قال
ابن سعد : إن غزوة بني المصطلق وقعت في شعبان في سنة خمس ، ووقعت بعدها غزوة
الأحزاب أو غزوة الخندق في ذي القعدة من السنة نفسها . ( الطبقات , 2/63- 65 ) .
وأقول : إن ابن سعد لم ينتبه لما يقول , وإذا قلتم بقوله
فأنتم تقلدون بدون تبين أو تفكر أو تعقل , لأنكم إذا زعمتم أن غزوة بني
المصطلق وحادثة الإفك وقعتا قبل غزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة لكي تتفقان مع حياة
سعد بن معاذ في زمن حادثة الإفك ، لوقعتم في مشكلة أعظم ولاستحال عليكم أن تجدوا
حلاً لها : وهي أنه من اللازم إذاً أن تقولوا أن آية آية الحجاب ونكاح زينب قد وقعتا
قبل غزوة بني المصطلق وحادثة الإفك ، مع أن القرآن وآثاركم التي تصححونها يشهدان
بأن نكاح زينب وآية الحجاب من الحوادث الواقعة بعد غزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة .
لذا
قطع ابن حزم في جوامع السيرة ( ص 147) وابن القيم في زاد المعاد ( 3 /269) ، و
غيرهما من المحققين بصحة رواية ابن إسحاق ، ورجحوها على رواية ابن سعد .
والخلاصة
:
1
ـ إن سورة الأحزاب نزلت قبل سورة النور .
2
ـ إن آيات الحجاب في سورة الأحزاب كانت قبل قصة الإفك وقبل آيات الحجاب في سورة
النور .
3 ـ مسرحية الإفك منكرة المتن .
النكتة السادسة : بعض الأثريين يقولون أن النبي صلى
الله عليه وسلم قد تزوج بزينب بعد غزوة المريسيع , بينما جاء ذكرها في مسرحية
الإفك .
جاء في مسرحية الإفك : ( قَالَتْ
عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي،
فَقَالَ لِزَيْنَبَ: " مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ؟ " فَقَالَتْ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا
خَيْرًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ، قَالَتْ:
وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ ) . ( صحيح البخاري ) .
والسؤال : هل تستطيعون حل هذا التعارض ؟
النكتة السابعة : بريرة موجودة في حادثة الإفك برغم أنها جاءت المدينة بعد الفتح :
النكتة الثامنة : وجود المنبر في مسرحية الإفك رغم أن بعض الأثريين يقولون أن الذي بناه هو تميم الداري :
جاء في مسرحية الإفك : ( فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَرِيرَةَ فَقَالَ: " أَيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟ " قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ ) ( صحيح البخاري ) .
بينما يقول الأثريون أن بريرة كانت مملوكة للعباس وقد قدمت المدينة مع العباس بعد عام الفتح واشترتها عائشة , أي أنها جاءت المدينة واشترتها عائشة بعد حادثة الإفك بسنوات .
فما هذا التعارض ؟
وقد أجاب أئمة التلفيق بأن ذكر بريرة مدرج في القصة أو أنها قد تكون بريرة غيرها .
والتلفيق الأول يدل على أن المتن معلول منكر , فهل يجرؤ الأثريون على الصدع بهذا ؟
وأما التلفيق الثاني , فهو رد تافه من عقول مصرة على الضلال والتحريف , وهل كان أهل مكة والمدينة بالكثرة التي تجعل أسماء خدم الواحد تتكرر هكذا بكل سهولة ؟
أم أنهم كانوا يسمون كل الإماء أو أكثرهن ببريرة ؟
وهل كانت عائشة تحتاج إلى خادمة أصلاً ؟ هل كانت تعيش في قصر ؟
أم أنهم كانوا يسمون كل الإماء أو أكثرهن ببريرة ؟
وهل كانت عائشة تحتاج إلى خادمة أصلاً ؟ هل كانت تعيش في قصر ؟
النكتة الثامنة : وجود المنبر في مسرحية الإفك رغم أن بعض الأثريين يقولون أن الذي بناه هو تميم الداري :
لقد جاء في مسرحية الإفك : ( فَقَامَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ يَوْمِهِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ أُبَيٍّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ) , ( وَرَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ ) . ( صحيح البخاري ) .
بينما يرى بعض الأثريين أن الذي بنى المنبر هو تميم الداري ويستدلون بالأثر التالي : عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَدَّنَ، قَالَ لَهُ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ: أَلَا أَتَّخِذُ لَكَ مِنْبَرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ يَجْمَعُ، أَوْ يَحْمِلُ عِظَامَكَ؟ قَالَ: " بَلَى " فَاتَّخَذَ لَهُ مِنْبَرًا مِرْقَاتَيْنِ . ( سنن أبي داود , وقال ابن رجب في فتح الباري لابن رجب : رواية أبي عاصم هذه أصح ) .
النكتة التاسعة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قد
استشار غلاماً في فراق عائشة .
تزعم مسرحية الإفك أن النبي قد استشار علياً بن أبي طالب وأسامة بن زيد في فراق
عائشة , ومن المعلوم أن أسامة بن زيد ولد قبل الهجرة بسبع سنوات , أي أنه وقت حادثة
الإفك كان ابن اثني عشرة سنة , فهل هذا الهراء يقبله عاقل ؟
أليس رسول الله حكيماً ؟ فكيف يقف عاجزاً أمام هذه المشكلة ولا
يستطيع الحكم فيها لمدة شهر , لذا استشار أسامة الغلام ؟
قد يقول قائل إنه لم يحكم في المسألة لأن الوحي قد انقطع لمدة شهر , والسؤال : إذاً أين الاجتهاد ؟
وهل من الحكمة التأخر لمدة شهر ؟
إن الصواب أن نقول : إذا انقطع الوحي ولا يوجد نص في المسألة فلا بد من اجتهاد , ولا بد من سؤال عائشة من أول يوم وليس بعد شهر .
وكيف يستشير النبي شاباً وغلاماً ؟ هل هما أحكم منه ؟
قد يقول قائل إنه لم يحكم في المسألة لأن الوحي قد انقطع لمدة شهر , والسؤال : إذاً أين الاجتهاد ؟
وهل من الحكمة التأخر لمدة شهر ؟
إن الصواب أن نقول : إذا انقطع الوحي ولا يوجد نص في المسألة فلا بد من اجتهاد , ولا بد من سؤال عائشة من أول يوم وليس بعد شهر .
وكيف يستشير النبي شاباً وغلاماً ؟ هل هما أحكم منه ؟
إن
كان سيستشير أحداً فلماذا لم يستشر الكبار الحكماء واستشار الشباب
والغلمان ؟
لماذا
استشار أسامة بن زيد الغلام ولم يستشر أباه ؟
النكتة العاشرة : الصحابة كلهم عدول , وفي نفس الوقت منهم الزاني والسارق والقاذف والسباب واللعان والقاتل :
فمسرحية الإفك تدل على أن من الصحابة قاذفون , وآثار الرجم المكذوبة تدل على أن من الصحابة زناة , وآثار قطع يد السارق تدل على أن من الصحابة سارقون , وآثار الفتنة بين علي ومعاوية تدل على أن الكثير من الصحابة قتلة وسبابون ولعانون , فهل هذا يستقيم مع مغالاتكم فيهم وزعمكم أن كلهم عدول ثقات .
النكتة الحادية عشرة : الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي بن سلول , وفي نفس الوقت هو حسان بن ثابت :
جاء
في مسرحية الإفك أن الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي بن سلول , فروى الأثريون عن
عائشة أنها قالت : (
فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِي شَأْنِي وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ ) . ( صحيح مسلم ) .
بينا
روى الأثريون أيضاً عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: "
دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعِنْدَهَا حَسَّانُ
بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهَا شِعْرًا يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ وَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا
تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ
فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ:
لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ، قَالَ مَسْرُوقٌ: فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَأْذَنِينَ
لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "
وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ " فَقَالَتْ:
وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ الْعَمَى، قَالَتْ لَهُ: إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ
أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . (
متفق عليه واللفظ للبخاري ) .
وهو
أثر مكذوب , فكيف يدخلون على أم المؤمنين , وكيف تفتح بيتها لمن يريد وتجلس تستمع
للشعر ؟
والسؤال
: من الذي تولى كبره ؟
هل
يجرؤ أثري أن يصدع بالحق ويقول يوجد تعارض في روايات البخاري ومسلم ؟
النكتة الثانية عشرة : سقوط الحد بالاستغفار والتوبة , وفي نفس الوقت رجم الزاني المحصن وإن تاب :
جاء في مسرحية الإفك : ( يَا عَائِشَةُ إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) . ( صحيح البخاري ) .
بينما يزعم الأثريون في نفس الوقت بوجوب الرجم حتى وإن تاب الزاني , إيماناً منهم بآثار الرجم الموضوعة ..
تنبيه : لا يوجد رجم في الإسلام , فكلها آثار مكذوبة , انظر رسالتي : بطلان الرجم شرعاً وعقلاً .
النكتة الثالثة عشرة : القرآن كاف وكامل وتام ومبين ومفصل في نفسه وتبيان وتفصيل لكل شيء ديني , وفي نفس الوقت الآثار تكمله وتبينه وتبين كل شيء في الدين وتنسخ آيات القرآن .
والسؤال : هل تؤمنون حقاً بأن القرآن كاف وكامل وتام ومبين ومفصل في
نفسه وتبيان وتفصيل لكل شيء ديني وأنه ناسخ غير منسوخ ؟
هل كان القرآن غير كاف في ذكره للإفك حتى تبحثوا في كتب المغفلين
والمدلسين والوضاعين ؟
هل تقدمون كلام المغفلين والمدلسين والوضاعين على كلام الله ؟
هل تؤمنون بكتاب الله حقاً ؟
قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ
عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ
امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ
مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ
الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ
مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ
يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا
فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ
فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ
بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ
وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ
سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ
هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ
أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) " ( النور ) .
ألم يبين الله آياته في القرآن نفسه ؟
سؤال : ما معنى الاختلاف في الروايات والآثار
والتعارض فيما بينها ؟
ألا يدل ذلك على أنها ليست من عند الله ؟
قال تعالى : " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ
كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا " [النساء
: 82]
والخلاصة :
إذا ذكر الله تعالى قصة الإفك في كتابه فهي قصة حقيقية كاملة مبينة , بينما إذا ذكر المدلسون قصة الإفك فستكون مسرحية بها الكثير من النكات والكثير من الثرثرة التي ضرت وما نفعت .
والخلاصة :
إذا ذكر الله تعالى قصة الإفك في كتابه فهي قصة حقيقية كاملة مبينة , بينما إذا ذكر المدلسون قصة الإفك فستكون مسرحية بها الكثير من النكات والكثير من الثرثرة التي ضرت وما نفعت .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد
لله رب العالمين