بطلان حجية الآثار
كتب : محمد الأنور ( أبو عبد الله المدني ,
تبيين الحق ) :
أقوال المفسرين في قوله تعالى : " وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ
لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
"
هذه بعض أقوال المفسرين في قوله تعالى : " وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ
وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) " ( النحل ) .
لقد نقل ابن الجوزي في تفسيره إجماع المفسرين على أن
الذكر هنا هو القرآن , قال ابن الجوزي :
قوله تعالى : " وأنزلنا إِليك الذكر" وهو القرآن
بإجماع المفسرين " لِتُبَيِّنَ
للناس ما نزِّل إِليهم" فيه من حلال وحرام، ووعد ووعيد (
تفسير ابن الجوزي , زاد المسير , ج 4 , ص 450 ) .
وقال الزمخشري : وأهل الذكر: أهل الكتاب. وقيل للكتاب
الذكر، لأنه موعظة وتنبيه للغافلين ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ يعنى ما نزل الله إليهم
في الذكر مما أمروا به ونهوا عنه ووعدوا وأوعدوا وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ وإرادة
أن يصغوا إلى تنبيهاته فيتنبهوا ويتأملوا.
( تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ) .
وقال محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان : ( قوله
تعالى : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ،
المراد بالذكر في هذه الآية : القرآن ; كقوله : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [ 15 \ 9 ]
. . وقد ذكر - جل وعلا - في هذه الآية حكمتين
من حكم إنزال القرآن على النبي - صلى الله عليه وسلم - : إحداهما : أن يبين للناس ما نزل إليهم في هذا الكتاب من الأوامر
والنواهي ، والوعد والوعيد ، ونحو ذلك . وقد
بين هذه الحكمة في غير هذا الموضع أيضا ; كقوله : وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه [
16 \ 64 ] ، وقوله إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس الآية
[ 4 \ 105 ] . الحكمة
الثانية : هي التفكر في آياته والاتعاظ بها ; كما قال هنا : ولعلهم يتفكرون [ 16 \ 44 ] ،
وقد بين هذه الحكمة في غير هذا الموضع أيضا ; كقوله : كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب [
38 \ 29 ] ، وقوله : أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا [
4 \ 82 ] ، وقوله : أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها [ 47 \ 24
] ، إلى غير ذلك من الآيات ) . انتهى .
وقال السمرقندي :
"فاسألوا أَهْلَ الذكر" أي : أهل التوراة والإنجيل " إِن كُنْتُم
لاَ تَعْلَمُونَ * بالبينات والزبر" وفي الآية تقديم وتأخير . أي : وما
أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم بالبينات ، والزبر . وروى أسباط عن السدي
قال : البينات : الحلال ، والحرام . والزبر : كتب الأنبياء . وقال الكلبي :
البينات أي : بالآيات الحلال ، والحرام ، والأمر ، والنهي ، ما كانوا يأتون به
قومهم منها ، وهو كتاب النبوة . ويقال : البينات التي كانت تأتي بها الأنبياء ،
مثل عصا موسى وناقة صالح . وقال مقاتل : "والزبر" يعني : حديث الكتب .ثم قال : "وَأَنزَلْنَا
إِلَيْكَ الذكر" يعني : القرآن "لِتُبَيّنَ لِلنَّاسِ" لتقرأ للناس
"مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ" أي : ما أمروا به في الكتاب "وَلَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ" يتفكروا فيه ، ليؤمنوا به .(بحر العلوم للسمرقندي)
.
وقال الطبري: وقوله "وأنْزَلْنا إلَـيْكَ الذّكْرَ" يقول: وأنزلنا إليك يا مـحمد هذا القرآن تذكيراً
للناس وعظةً لهم . " لِتُبَـيِّنَ
للنَّاسِ " يقول: لتعرفهم ما أنزل إلـيهم من ذلك . "وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" يقول:
وليتذكروا فيه ويعتبروا به أي بما أنزلنا إليك .
وقال الطبراني :قَوْلُهُ تَعَالَى "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ" أي: القرآنَ "لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" الحلالَ والحرامَ والحقَّ والباطل .
وقال الشوكاني: ( و أهل الذكر هم أهل الكتاب كما تقدم . وقال الزجاج : اسألوا كل من يذكر بعلم ، و البينات : الحجج والبراهين ، و الزبر : الكتب. وقد تقدم الكلام على هذا في آل عمران . "وأنزلنا إليك الذكر" أي القرآن ، ثم بين الغاية المطلوبة من الإنزال فقال : "لتبين للناس" جميعا "ما نزل إليهم" في هذا الذكر من الأحكام الشرعية والوعد والوعيد "ولعلهم يتفكرون" أي إرادة أن يتأملوا ويعملوا أفكارهم فيتعظوا ) . ( فتح القدير للشوكاني ) .
وقال البقاعي في تفسيره : ولما كان القرآن أعظم الأدلة أشار على ذلك بذكره مدلولاً على غيره من المعجزات بواو العطف فقال عاطفاً على تقديره: وكذلك أرسلناك بالمعجزات الباهرات "وأنزلنا" أي بما لنا من العظمة "إليك" أي وأنت أشرف الخلق "الذكر" أي الكتاب.... . ( نظم الدرر , ج 4 , ص 272 ) .
والتبيين هنا هو التبليغ لأنه ضد الكتمان , ولا يجوز أن
نقول التبيين بمعنى تفسير المجملات والمبهمات بالآثار لأن القرآن مبين في نفسه بل
وتبيان لكل شيء ديني . انظر رسالتي القرآن مبين في نفسه وتبيان لغيره .
قال ابن عاشور في تفسيره : والذكر الكلام الذي شأنه أن
يُذكر ، أي يُتلى ويكرّر . وقد تقدّم عند قوله تعالى : "وقالوا
يأيها الذي نزل عليه الذكر" في سورة
الحِجر , 6) أي ما كنتَ بدعاً من الرّسل فقد
أوحينا إليك الذكر . والذكر : ما أنزل ليقرأه الناس ويتلونه تكراراً ليتذكروا ما
اشتمل عليه . وتقديم المتعلّق المجرور على المفعول للاهتمام بضمير المخاطب
. وفي الاقتصار على إنزال الذكر عقب قوله : "بالبينات
والزبر" إيماء إلى أن الكتاب المنزّل
على محمد صلى الله عليه وسلم هو بيّنةٌ وزبور معاً ، أي هو معجزة وكتاب شرع . وذلك
من مزايا القرآن التي لم يشاركه فيها كتاب آخر ، ولا معجزةٌ أخرى ، وقد قال الله
تعالى : "وقالوا
لولا أنزل عليه آيات من ربّه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مُبين أو لم
يكفهم أنّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمةً وذكرى لقوم يؤمنون"
. (سورة العنكبوت , 50 ، 51)
وفي الحديث : أن النبي قال : " ما من
الأنبياء نبيء إلا أوتي من الآيات ما مِثْلُه آمَنَ عليه البشر وإنما كان الذي
أوتيتُ وحياً أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة" . والتبيين
: إيضاح المعنى . والتعريف في الناس للعموم . والإظهار في قوله تعالى
: "ما نزل إليهم" يقتضي أن ما صدق الموصول غير الذكر المتقدم ، إذ
لو كان إيّاه لكان مقتضى الظاهر أن يقال لتبيّنه : للناس . ولذا فالأحسن أن يكون
المراد بما نزل إليهم الشرائع التي أرسل الله بها محمداً صلى الله عليه وسلم فجعل
القرآن جامعاً لها ومبيناً لها ببليغ نظمه ووفرة معانيه ، فيكون في معنى قوله
تعالى : "ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء" ( سورة النحل :
89) . وإسناد التبيين إلى النبي عليه
الصلاة والسلام باعتبار أنه المبلّغ للناس هذا البيانَ . واللّام على هذا الوجه
لذكر العِلّة الأصلية في إنزال القرآن . وفسر "ما
نزل إليهم" بأنه عين
الذكر المنزّل ، أي أنزلنا إليك الذكر لتبينّه للناس ، فيكون إظهاراً في مقام
الإضمار لإفادة أن إنزال الذكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو إنزاله إلى الناس
كقوله تعالى : "لقد
أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم" (سورة
الأنبياء : 10 (. وإنّما أتي
بلفظه مرتين للإيماء إلى التّفاوت بين الإنزالين : فإنزاله إلى النبي مباشرةً ،
وإنزاله إلى إبلاغه إليهم .فالمراد
بالتبيين على هذا تبيين ما في القرآن من المعاني ، وتكون اللّام لتعليل بعض الحِكم
الحافّة بإنزال القرآن فإنها كثيرة ، فمنها أن يبيّنه النبي فتحصل فوائد العلم
والبيان ، كقوله تعالى : "وإذ
أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيّننّه للناس" (سورة آل عمران : 187 (. وليس في هذه الآية دليل لمسائل تخصيص
القرآن بالسنّة ، وبيان مجمل القرآن بالسنّة ، وترجيح دليل السنّة المتواترة على
دليل الكتاب عند التعارض المفروضات في أصول الفقه إذ كل من الكتاب والسنّة هو من
تبيين النبي إذ هو واسطته .
عطف "لعلهم يتفكرون" حكمة أخرى من حِكَم إنزال القرآن ، وهي تهيئة تفكّر الناس فيه وتأمّلهم فيما يقرّبهم إلى رضى الله تعالى . فعلى الوجه الأول في تفسير "لتبين للناس" يكون المراد أن يتفكّروا بأنفسهم في معاني القرآن وفهم فوائده ، وعلى الوجه الثاني أن يتفكّروا في بيانك ويعوه بأفهامهم .
عطف "لعلهم يتفكرون" حكمة أخرى من حِكَم إنزال القرآن ، وهي تهيئة تفكّر الناس فيه وتأمّلهم فيما يقرّبهم إلى رضى الله تعالى . فعلى الوجه الأول في تفسير "لتبين للناس" يكون المراد أن يتفكّروا بأنفسهم في معاني القرآن وفهم فوائده ، وعلى الوجه الثاني أن يتفكّروا في بيانك ويعوه بأفهامهم .
وقال ابن عاشور في قوله تعالى " فاسألوا أهل الذكر
إن كنتم لا تعلمون " : ( والذكر : كتاب الشريعة ، وقد تقدم عند قوله تعالى وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر في
أول الحجر ) . ( التحرير والتنوير ) .
وقال البيضاوي:
"وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذّكْرَ" أي: القرآن.
وإنما سمي ذكراً لأنه موعظة وتنبيه. "لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزّلَ
إِلَيْهِمْ" في الذكر،
بتوسط إنزاله إليك مما أمروا به ونهوا عنه، أو مما تشابه عليهم .
وقال النسفي :
"وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ" القرآن"لِتُبَيِّنَ
لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" في
الذكر مما أمروا به ونهوا عنه ووعدوا به وأوعدوا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن المفسرين من فسر الذكر بالقرآن ولكنه ضل وزعم أن الآثار هي المبيِّنة
للقرآن :
قال ابن كثير: ثم قال تعالى "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ" يعني: القرآن
"لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" أي: مِن ربهم، لعلمك
بمعنى ما أنزل الله وحرصك عليه واتباعك له، ولعلمنا بأنك أفضل الخلائق وسيد ولد
آدم. فتفصّل لهم ما أجمل، وتبين لهم ما أشكل.
وقال القرطبي : "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ" يعني: القرآن "لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" في هذا الكتاب من الأحكام والوعد والوعيد بقولك وفعلك. فالرسول صلى الله عليه وسلم مبيِّن عن الله عز وجل مراده مما أجمله في كتابه من أحكام الصلاة والزكاة، وغيرِ ذلك مما لم يفصّله .
وقال ابن عطية:
و "الذكر" في هذه الآية : القرآن.
وقوله "لتبين" يحتمل أن يريد لتبين بسردك
نص القرآن "ما نزل" . ويحتمل أن يريد لتبين
بتفسيرك المجمل وشرحك ما أشكل مما نزل. فيدخل في هذا ما بينته السنة من أمر
الشريعة، وهذا قول مجاهد .
وقال الخازن:
"وأنزلنا إليك الذكر" الخطاب للنبي
صلى الله عليه وسلم، يعني : وأنزلنا عليك يا محمد الذكر الذي هو القرآن.
وإنما سماه ذكراً لأن فيه مواعظ وتنبيهاً للغافلين "لتبين
للناس ما نزل إليهم" يعني: ما أجمل إليك من أحكام القرآن. وبيان الكتاب يطلب منه السنة والمبين
لذلك المجمل هو الرسول صلى الله عليه وسلم. ولهذا قال بعضهم: متى وقع تعارض بين
القرآن والحديث وجب تقديم الحديث لأن القرآن مجمل، والحديث مبين بدلالة هذه الآية
والمبين مقدم على المجمل. وقال بعضهم: القرآن منه محكم، ومنه متشابه. فالمحكم يجب
أن يكون مبيناً، والمتشابه هو المجمل ويطلب بيانه من السنة. فقوله تعالى : "لتبين للناس ما نزل إليهم" محمول على ما أجمل فيه، دون المحكم البين المفسر .(
تفسير الخازن لعلاء الدين البغدادي ) .
وقال البقاعي:
"وأنزلنا" أي:
بما لنا من العظمة "إليك" أي: وأنت أشرف الخلق "الذكر" أي: الكتاب الموجب
للذكر، المعلي للقدر، الموصل إلى منازل الشرف "لتبين
للناس" كافة بما أعطاك الله من الفهم
الذي فقت فيه جميع الخلق، واللسان الذي هو أعظم الألسنة وأفصحها وقد أوصلك الله فيه
إلى رتبة لم يصل إليها أحد "ما
نزل" أي وقع تنزيله "إليهم" من هذا الشرع الحادي إلى سعادة الدارين بتبيين
المجمل، وشرح ما أشكل، من علم أصول الدين الذي رأسه التوحيد، ومن البعث وغيره، وهو
شامل لبيان الكتب القديمة لأهلها ليدلهم على ما نسخ، وعلى ما بدلوه فمسخ .
وقال ابن جزي
الغرناطي: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ" يعني: القرآن "لِتُبَيِّنَ
لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" يحتمل أن يريد لتبين القرآن بسردك نصه
وتعليمه للناس، أو لتبين معانيه بتفسير مشكلة، فيدخل في هذا ما بينته السنة من
الشريعة .
قال الرازي :ثم قال تعالى :
"وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر لِتُبَيّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزّلَ
إِلَيْهِمْ" وفيه مسائل : المسألة
الأولى : ظاهر هذا الكلام يقتضي أن هذا الذكر مفتقر إلى بيان رسول الله والمفتقر
إلى البيان مجمل ، فظاهر هذا النص يقتضي أن القرآن كله مجمل ، فلهذا المعنى قال
بعضهم متى وقع التعارض بين القرآن وبين الخبر وجب تقديم الخبر لأن القرآن مجمل
والدليل عليه هذه الآية ، والخبر مبين له بدلالة هذه الآية ، والمبين مقدم على
المجمل . والجواب : أن
القرآن منه محكم ، ومنه متشابه ، والمحكم يجب كونه مبيناً فثبت أن القرآن ليس كله
مجملاً بل فيه ما يكون مجملاً فقوله : "لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزّلَ
إِلَيْهِمْ" محمول على المجملات . المسألة
الثانية : ظاهر هذه الآية يقتضي أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم هو المبين لكل
ما أنزله الله تعالى على المكلفين ، فعند هذا قال نفاة القياس لو كان القياس حجة
لما وجب على الرسول بيان كل ما أنزله الله تعالى على المكلفين من الأحكام ،
لاحتمال أن يبين المكلف ذلك الحكم بطريقة القياس ، ولما دلت هذه الآية على أن
المبين لكل التكاليف والأحكام ، هو الرسول صلى الله عليه وسلم علمنا أن القياس ليس
بحجة . وأجيب عنه
بأنه صلى الله عليه وسلم لما بين أن القياس حجة ، فمن رجع في تبيين الأحكام
والتكاليف إلى القياس ، كان ذلك في الحقيقة رجوعاً إلى بيان الرسول صلى الله عليه
وسلم . (مفاتيح الغيب لفخر الدين الرازي( .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقيل الذكر هو الوحي :
قال البغوي : "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ" أراد بالذكر الوحي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم مبينا للوحي، وبيان الكتاب يطلب من السنة . (تفسير البغوي للحسين بن مسعود البغوي) .
وقيل الذكر هو العلم :
وقال الماوردي: قوله تعالى "وأنزلنا إليك الذِّكر لتبين للناس ما نُزِّلَ إليهم" تأويلان: أحدهما: أنه القرآن. الثاني: أنه العلم .
وقال أبو حيان:
"وأنزلنا إليك الذكر" هو القرآن.
وقيل
له ذكر لأنه موعظة وتبيه للغافلين. وقيل: "الذكر" العلم
، "ما نزل إليهم" من المشكل والمتشابه، لأن النص والظاهر لا يحتاجان إلى
بيان .
وقال محمد الأندلسي : "وأنزلنا إليك الذكر" :
هو القرآن ، وقيل له ذكر لأنه موعظة وتبيه للغافلين . وقيل : "الذكر"
العلم . "ما نزل إليهم" من المشكل والمتشابه ، لأن النص والظاهر لا
يحتاجان إلى بيان . وقال الزمخشري : (مما أمروا به ونهوا عنه ، ووعدوا وأوعدوا) .
وقال ابن عطية : (لتبين بسردك بنص القرآن ما نزل إليهم) . ويحتمل أن يريد لتبين
بتفسيرك المجمل وشرحك ما أشكل ، فيدخل في هذا ما تبينه السنة من أمر الشريعة ،
وهذا قول مجاهد انتهى . ولعلهم يتفكرون أي : وإرادة أن يصغوا إلى تنبيهاته
فيتنبهوا ويتأملوا . ( تفسير البحر المحيط
لمحمد الأندلسي ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رأي شيخ السلفيين :
وقال الألباني فى منزله السنه فى الإسلام : وظيفة السنة في القرآن
: تعلمون جميعا أن الله تبارك وتعالى اصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم بنبوته
واختصه برسالته فأنزل عليه كتابه القرآن الكريم وأمره فيه في جملة ما أمره به أن
يبينه للناس فقال تعالى : "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل
إليهم" [ النحل : 44 ] . والذي أراه أن هذا البيان المذكور في هذه الآية
الكريمة يشتمل على نوعين من البيان : الأول : بيان
اللفظ ونظمه وهو تبليغ القرآن وعدم كتمانه وأداؤه إلى الأمة كما أنزله الله تبارك
وتعالى على قلبه صلى الله عليه وسلم . وهو المراد بقوله تعالى : "يا أيها الرسول
بلغ ما أنزل إليك من ربك" [ المائدة : 67 ] وقد قالت السيدة عائشة رضي الله
عنها في حديث لها : " ومن حدثكم أن محمدا كتم شيئا أمر بتبليغه فقد أعظم على
الله الفرية . ثم تلت الآية المذكورة " [ أخرجه الشيخان ] . وفي رواية لمسلم
: " لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا أمر بتبليغه لكتم قوله
تعالى : "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله
وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه" ( الأحزاب : 37 (.
والآخر : بيان معنى اللفظ أو الجملة أو الآية الذي تحتاج الأمة إلى بيانه وأكثر ما
يكون ذلك في الآيات المجملة أو العامة أو المطلقة فتأتي السنة فتوضح المجمل وتخصص
العام وتقيد المطلق . وذلك يكون بقوله صلى الله عليه وسلم كما يكون بفعله وإقراره
ضرورة السنة لفهم القرآن.... انتهى .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأقول : إن هؤلاء الشاذين المخالفين للقرآن يزعمون أن الله تعالى قد
ترك في القرآن مبهمات ومجملات وأن آثار المغفلين والمدلسين والوضاعين هي التي
ستبينها .
إن
تفسير هؤلاء الضالين للذكر تفسير شاذ والتفسير الذي يخرج عن القرآن ويتعارض
معه هو تفسير باطل , بل هو تحريف لكتاب الله وذلك بتحريف معانيه .
وأقول لمن شذ وقال أن الذكر هو الآثار ومن ثم فإن الآثار
تبين القرآن , ما يلي :
أولاً : لقد رد الله تعالى عليك في نفس السورة
عدة مرات :
المرة الأولى : قال تعالى :
" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ
فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ
وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ
إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) " ( النحل ) .
والسؤال : كيف تفسر الذكر في الآية رقم 43 بالكتاب ثم
تضل وتفسر الذكر في الآية التي تليها بآثار المدلسين ؟
المرة الثانية : قوله تعالى
: " وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ
الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " [النحل
: 64]
فالكتاب هو الذي يبين ويحكم فيما اختلف فيه الناس وليس
الآثار
قال تعالى : " وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ
شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَإِلَيْهِ أُنِيبُ " [الشورى : 10]
قال تعالى : " وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا
عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ
مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ " [الرعد : 37]
قال تعالى : كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ
اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ
بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ
فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا
بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ
الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
" [البقرة : 213]
ولقد بيَّن الله تعالى حكمه فيما اختلف فيه وهو عيسى
عليه السلام في الآية التالية :
قال تعالى : وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ
شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا
لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا
" [النساء : 157]
المرة الثالثة : قوله تعالى
: " وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ
أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ
الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى
لِلْمُسْلِمِينَ " [النحل : 89]
فالقرآن تبيان لكل شيء فهو الذكر المبيِّن لكل شيء في
الدين أيها الضال , وليس بالكتاب المبهم الذي تفسره آثار المدلسين والمغفلين
والوضاعين .
ثاتياً : إن تفسيرك الباطل حجة عليك , لأنك
حينئذ ستجعل للآثار منزلتين أو وظيفتين فقط , وهما : تبيين القرآن , والتفكر , ومن
ثم فلا توجد آثار مكملة ( مستقلة ) أو لاغية ( ناسخة ) , وأي أثر مكمل أو ناسخ فهو
مكذوب , فهل ترضى بذلك ؟
وأنا على يقين من أن هذا المحرِّف الضال المضل لن يرضى
بذلك لأن مذهبه الضال قائم على آلاف الآثار الضالة التي تنسخ آيات القرآن وتكمل
نقصانه المزعوم , مثل الصلوات الخمس بكيفياتها وأوقاتها المحرفة ومثل الرجم وحد
الردة وحد شارب الخمر وتحريم المعازف والنمص ....
ثالثاً : هل تزعم أن التبيين يعني تفسير
المجمل والمبهم والمتشابه ؟
هل تزعم أن التبيين لا يعني إظهار وكشف ما
كتمه وأخفاه أهل الكتاب ؟
قال
تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ
الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ
أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ " [البقرة :
159]
قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا
أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ
مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَئِكَ
الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا
أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ
بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ
(176) " ( البقرة ) .
قال تعالى : " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ
جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ
الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ
مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ
وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) " ( المائدة ) .
قال تعالى : " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ
فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا
يَشْتَرُونَ " [آل عمران : 187]
هل أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب بتفسير مجمله
ومبهمه أم تبليغ الكتاب للناس ؟
هل الكتاب جاء مبهماً والذين أوتوا الكتاب هم من يفسروه
؟
إذاً وجب عليك أن تؤمن بأقوال رجال الدين ومنافقي الطغاة
وبدعهم وتحريفاتهم , لأنهم يبينوا الكتاب , فما هذه البدع والتحريفات والفتاوى
الشاذة إلا تبييناً منهم للقرآن المبهم عندك
بل إن آيات الله تعالى تفهم مع بعضها وتفسير المحرفين
يعارض آيات أخرى .
قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا
أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ
فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ
" [البقرة : 159]
فهؤلاء كتموا البينات أي لم يبلغوا البينات , وليس
المعنى لم يفسروا المبهمات .
هل تزعم أن التبيين لا يعني الحكم والقضاء
فيما اختلف فيه ؟
قال تعالى : " وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ
الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى
وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ " [النحل : 64]
قال تعالى : " كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً
فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ
الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا
اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ
الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا
اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " [البقرة : 213]
قال تعالى : " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ
عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76)
وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77) " ( النمل ) .
قال تعالى : " وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى
بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ
الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ " [الزخرف :
63]
هل تزعم أن التبيين لا يعني التبيلغ والتبشير
والإنذار والتعبير والإفصاح ؟
قال
تعالى : " وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ
الْمُبِينُ " [المائدة : 92]
قال
تعالى : " وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ
مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا
مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى
الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ " [النحل : 35]
قال
تعالى : " فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ
الْمُبِينُ " [النحل : 82]
قال
تعالى : " قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ
وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ
الْمُبِينُ " [النور : 54]
قال
تعالى : " وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ
قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ " [العنكبوت
: 18]
قال
تعالى : " وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ
" [يس : 17]
قال
تعالى : " وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ "
[التغابن : 12]
قال تعالى : " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ
جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ
تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ
وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " [المائدة : 19]
قال تعالى : " فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ
لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا " [مريم :
97]
قال تعالى : " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ
إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ
وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [إبراهيم : 4]
قال
تعالى : " أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ
مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ " [الزخرف : 52]
يبين بمعنى يبلغ الكلمات , ولا يكنم .
والسؤال : هل معنى "لا يكاد يبين" : لا يكاد
يفسر مبهمات كتاب الله أو لا يكاد يفسر
مبهمات ما أمره الله به ؟
لا , فالتبيين هنا بمعنى تبليغ الكلمات التي أمرهم الله
تعالى بها , ولا يعني تفسير مبهمات الكلمات .
قال تعالى : " وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ
لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ " [الشعراء : 13]
قال تعالى : " وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ
مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ
يُكَذِّبُونِ " [القصص : 34]
وما أمرهم الله تعالى بتبليغه قد أوحى به إليهم ولم
يتركهم يفسرونه أو يستنبطونه :
قال تعالى : " وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى
(17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي
وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا
فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا
سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ
مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23)
اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24) قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي
(25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27)
يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي
(30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ
كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35)
" ( طه ) .
قال تعالى :
" اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)
اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا
لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) " ( طه ) .
قال تعالى : " وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ
ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11)
قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا
يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ
فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا
مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (16) أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (17) " (
الشعراء ) .
قال تعالى : " هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15)
إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى
فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18)
وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) " ( النازعات ) .
ـــــــــــــــــــــ
هل تزعم أن القرآن غير مبيَّن وغير مفصَّل في
نفسه ؟
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ
قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا
مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ
فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ
لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا
إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا
الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً
فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ
تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176) " ( النساء ) .
ومن قال أن القرآن غير مبين وغير مفصَّل في نفسه فقد كفر
بالكثير من الآيات , انظر رسالتي : بطلان حجية الآثار , فصل : القرآن مبين ومفصل
في نفسه وتبيان وتفصيل لكل شيء .
هل تزعم أن القرآن غير مبيِّن وغير مفصِّل لكل
شيء ؟
قال تعالى : " وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ
شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً
وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ " [النحل : 89]
قال تعالى : " وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ
يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ
وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ " [يونس :
37]
قال تعالى : " لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ
عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ
الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ " [يوسف : 111]
ومن قال أن القرآن غير مبيِّن وغير مفصِّل لكل شيء في
الدين فقد كفر بآيات كثيرة في القرآن , انظر رسالتي : بطلان حجية الآثار , فصل :
القرآن مبين ومفصل في نفسه وتبيان وتفصيل لكل شيء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله
بئس الكذب .. عندما ذكرت أن الذكر القرآن ذهبت تجمع كل قول مفسر .. و نحن لا نخالف في هذا .. لأن البيان لا يعني البلاغ .. و إلا لكان القرآن يتكلف مفردات ليس لها داعٍ .. كما أن البيان في لغة العرب لا تعني البلاغ بل لكل منهما معنى متميز معلوم ..
ردحذفأما عندما تتكلم عن قول المفسيرين أن السنة تبين القرآن تقول : "ومن المفسرين من فسر الذكر بالقرآن ولكنه ضل وزعم أن الآثار هي المبيِّنة للقرآن :ومن المفسرين من فسر الذكر بالقرآن ولكنه ضل وزعم أن الآثار هي المبيِّنة للقرآن" !!
لماذا لم تقل أن كل المفسرين قالوا أن السنة تبين القرآن ؟؟
تتنفسون الكذب ..