بطلان حجية الآثار
كتب : محمد الأنور ( أبو عبد الله المدني ,
تبيين الحق ) :
المغالاة فيمن رأوا النبي أو سمعوه
لقد غالت الفرق الضالة خاصة السنيين فيمن رأوا النبي أو
سمعوه وجعلوهم صحابة ثم أضافوا لهم العدالة والضبط , وجعلوا آثارهم التي رووها عن
النبي مسلمات لا تقبل الرد , بل وقدموها على كتاب الله ونسخوه بها , بل وجعلوا
أقوالهم حجة ومصدراً من مصادر التشريع , مما أدى إلى تحريف الدين في الكثير من
الأمور .
وإن معرفة معنى الصاحب وحاله سيرد الكثير من آثار الفرق
الضالة إن لم يرد كلها , لأننا لا نعلم أسماء صحابة النبي أصلاً , حيث لم يذكر أحد
منهم في القرآن , والوحيد الذي ذكر في القرآن هو زيد ولا نعلم هل كان صاحباً أم لا
وهل كان مؤمناً أم كافراً أم منافقاً أم مرتداً ؟
وإن تعديل كل من رأى النبي أو سمعه مخالف للقرآن نفسه ,
كما سنرى .
كما طعنت الشيعة في الصحابة بدون دليل صحيح , بل إن
الطعن في كل الصحابة يخالف القرآن نفسه , كما سنرى .
وسأتكلم عن مغالاة السنيين , لأنها قد أدت إلى قبول
الكثير من الآثار , أما الشيعة فإن الكل يعلم بطلان آثارهم:
أولاً : جعلهم من الصحابة :
من هو الصاحب ؟
صاحِب : فاعل من صَحِبَ .
صحِب الشَّخصَ : لاَزَمَهُ ، رَافَقَهُ ،
عَاشَرَهُ
صاحبه أي رافقه ولازمه وعاشره .
الصَّاحِبُ : المرافق , القائم على الشيءِ .
صاحِبُ الشَّيء : مالكه .
صحِبتك السَّلامةُ : رافقتك ولازمتك .
والخلاصة : إن الصاحب هو المرافق والملازم والمعاشر .
ولا يجوز لساناً أو عقلاً أن نطلق اسم صاحب على كل من
رأى الإنسان أو سمعه , فهذا تحريف وتخريف .
فالسنيون يعرفون الصحابي بأنه من رأى النبي أو سمعه ولو
مرة واحدة وكان مسلماً ومات على الإسلام .
وهذا تحريف للسان العربي وتحريف لدين الله .
قال حماد الأنصاري محدث المدينة النبوية : ( رواية من له رؤية أو حنكه
النبي صلى الله عليه وسلم أو نحوهم تعد مثل رواية التابعين مرسلة ) . انتهى .
والسؤال : هل خالد بن الوليد من الصحابة ؟
هل
رافق النبي ولازمه ؟
صحيح مسلم : (4617)- [2543] حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ
الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ:
كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
شَيْءٌ، فَسَبَّهُ خَالِدٌ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " لَا
تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ
أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ ". حَدَّثَنَا أَبُو
سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ
الْأَعْمَشِ. ح وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي. ح
وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ
أَبِي عَدِيٍّ جَمِيعًا، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ
الْأَعْمَشِ، بِإِسْنَادِ جَرِيرٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ بِمِثْلِ حَدِيثِهِمَا
وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ وَوَكِيعٍ ذِكْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ
وَخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ .
إن الاثر
السابق يدل على أن خالداً ليس من الصحابة , وكيف يكون من الصحابة والصحابة هم
الذين صاحبوا النبي بينما هو كان محارباً له وقد تأخر في إسلامه .
هل أبو سعيد الخدري من الصحابة ؟
هل رافق النبي
ولازمه ؟
صحيح البخاري : (3420)- [3673] حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي
إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ
الْأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله
عليه وسلم : " لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ
مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ ". تَابَعَهُ جَرِيرٌ، وَعَبْدُ
اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ،
وَمُحَاضِرٌ، عَنْ الْأَعْمَشِ .
هذا الأثر يدل
على أن أبا سعيد الخدري ليس من الصحابة لأن الكلام لو كان موجهاً له ولغيره فهم
ليسوا من الصحابة , فضلاً عن أنه كان صغيراً , وكيف يكون صحابياً وهو صغير السن ؟
هل أبو هريرة من الصحابة ؟
هل رافق النبي
ولازمه أم كان متأخر الإسلام ـ على افتراض أنه أسلم حقاً ـ وكان مجهول الاسم صغير
السن ؟
صحيح مسلم : (4616)- [2542] حَدَّثَنَا يَحْيَي بْنُ يَحْيَي
التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ يَحْيَي: أَخْبَرَنَا، وقَالَ
الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ
الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " لَا تَسُبُّوا
أَصْحَابِي، لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ
أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا
نَصِيفَهُ " .
إن الأثر يعني
أن النبي يمنعهم من سب أصحابه , لذا لا يعقل أن نجعلهم من الصحابة .
هل أنس بن مالك
وابن عباس وأبو سعيد الخدري من الصحابة ؟
وهل يصاحب
الرجل الكبير غلماناً أو صبياناً ؟
وهل يصح تحمل
الطفل أو الغلام ؟
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ : ( وَمَا عِلْمُ أبَيِ سعَيِدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَنَسِ
بْنِ مَالِكٍ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَإِنَّمَا كَانَا غُلَامَيْنِ صَغِيرَيْنِ ) .( المعجم الكبير للطبراني , أحكام القرآن
الكريم للطحاوي ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانياً : ادعاء
العصمة لهم :
1 ـ المغالاة في
أمانتهم ( عدالتهم ) :
ذكرت
فيما سبق أن السنيين زعموا أن كل من رأى النبي أو سمعه ولو مرة واحدة وكان مسلماً
ومات على الإسلام هو من الصحابة , وهذا تحريف , ولكن لم ينته تحريفهم
إلى هذا الحد بل زعموا العصمة فيمن رأوا النبي أو سمعوه فادعوا لكلهم الأمانة (
العدالة ) رغم أن منهم المنافق والمرتد والخاطئ .
والصواب أن من
رأى النبي أو سمعه بشر مثل بقية البشر فمنهم الصاحب والمؤمن ومنهم الكافر والمرتد
والمنافق والخاطئ , وهذا ما يدل عليه كلام ربنا عز وجل , فلقد جاءت بعض الآيات
تعدل بعض الصحابة كما جاءت بعض الآيات تجرح وتقدح فيهم .
تعديل البعض ممن
رأوا النبي أو سمعوه :
قال الله :
" وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا
إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ
وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) "( التوبة ) .
والسؤال : هل أبو
هريرة وأنس بن مالك ومالك بن صعصعة وابن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو
وأبو سعيد الخدري وبسر بن أرطأة ومعاوية وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد من الأعراب
المذكورين في الآية الأولى ؟ هل تشملهم الآية الأولى ؟ هل هم من السابقين ؟ هل هم
من المهاجرين أو الأنصار ؟ هل هم من التابعين لهم بإحسان ؟
هل تحريف
الصلاة كما فعل أنس بن مالك ومالك بن صعصعة من الاتباع بإحسان ؟
هل قتال علي وحزبه من الاتباع بإحسان ؟
هل تحويل الخلافة إلى ملك من الاتباع بإحسان ؟
هل هؤلاء السابقون مؤمنون أم منافقون ؟
والله لا نعلم , ولا تجوز المغالاة فيهم كما يفعل السنيون ولا يجوز تكفيرهم كما تفعل الشيعة , بل لا يجوز الانشغال عن القرآن بأي شيء , لا أثر لمدلس ولا تراجم لغابرين .
كما رضي عن
أصحاب الشجرة , قال الله : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ
يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ
السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا " [الفتح : 18]
والسؤال : هل أبو
هريرة وأنس بن مالك ومالك بن صعصعة وابن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو
وأبو سعيد الخدري وبسر بن أرطأة ومعاوية وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد من أصحاب
الشجرة ؟
كما مدح الله النبي والذين معه لصفاتهم , قال الله : " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا " [الفتح : 29]
والسؤال : هل الكثير ممن رأوا النبي أو سمعوه كمعاوية وعمرو بن العاص وعبد الله بن عمرو وخالد بن الوليد وابن عباس تشملهم الآية السابقة ؟
إن الزعم بذلك من باب التدليس , فالسنيون أنفسهم يقولون بأنهم قد تأخروا في إسلامهم , أي أسلموا بعد نزول هذه الآية , ولم يكونوا مع النبي , بل كان معاوية وعمرو وخالد يحاربونه ؟
قال الله :
" مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا
عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ
يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا " [الأحزاب : 23]
قال الله :
" وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ
أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ
مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ
خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ
أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ
بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا
أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ
جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ
وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ
يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
(174) "( آل عمران ) .
والسؤال : هل
الكثير ممن رأوا النبي أو سمعوه تشملهم الآيات السابقة ؟
إن الزعم بذلك من باب التدليس , لأن نزول هذه الآيات كان قبل إسلام الكثير , كما أن الكثير منهم لم يقتلوا في سبيل الله .
جرح البعض ممن
رأوا النبي أو سمعوه :
هل كل من رأى النبي أو سمعه كان مؤمناً أو كان معصوماً من الكفر والنفاق والردة ؟
لا , فبعض
الآيات تدل على أن منهم الكافر والمنافق .
قال الله :
" وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ
وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ
لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ
نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ
مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ
وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ
الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا
فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ
(169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ
بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ
وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ
وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا
لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا
مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ
النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا
حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ
اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ
وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ
أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)
وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا
اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ
وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ
بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلَا
يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ
إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178)
مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى
يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى
الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا
بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ
(179) " ( آل عمران ) .
قال الله :
" إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ
رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ
فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (93) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ
إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ
مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ
إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ (94) سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ
لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ
جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا
عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ
الْفَاسِقِينَ (96) الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا
يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ (97) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا
وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) ( التوبة ) .
قال الله :
" وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ
الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ
وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى
مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ
يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ
بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ
بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ
وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ
الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110) " ( التوبة ) .
قال الله :
" وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ
مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ " [التوبة : 101] .
فالنبي لا يعلمهم , وهذا ما أخبر الله به , ولا يجوز أن
نكفر بالآية السابقة ونؤمن بأثر مكذوب يزعم أن النبي كان يعلم المنافقين وأسر بهم
إلى حذيفة بن اليمان .
لو كان هذا حقاً لذكر في القرآن وما خالفه , ولو كان هذا
حقاً لما أسر النبي إلى أحد ولما كتم الوحي والعلم , ولو كان هذا حقاً وكانت
الحكمة في الإسرار لكان أولى الناس بهذا السر هو أبو بكر وهو صاحبه الوحيد أو
صاحبه الأقرب حسب رواياتكم .
صحيح البخاري : (3411)- [3661] حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ
بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ بُسْرِ
بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَائِذِ اللَّهِ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى
أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " أَمَّا
صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ فَسَلَّمَ، وَقَالَ إِنِّي كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ
ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ، ثُمَّ نَدِمْتُ فَسَأَلْتُهُ
أَنْ يَغْفِرَ لِي فَأَبَى عَلَيَّ فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ: يَغْفِرُ
اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ فَأَتَى
مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ فَسَأَلَ أَثَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالُوا: لَا فَأَتَى
إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى
الله عليه وسلم يَتَمَعَّرُ حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ فَجَثَا عَلَى
رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ
مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ اللَّهَ
بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ
وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي
مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا " .
صحيح البخاري : (4299)- [4640] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُوسَى بْنُ
هَارُونَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُسْرُ
بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ
الْخَوْلَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، يَقُولُ:
كَانَتْ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ، فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ
عُمَرَ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ مُغْضَبًا، فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ
يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ، حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِي
وَجْهِهِ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَنَحْنُ عِنْدَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم : " أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ "، قَالَ:
وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ وَجَلَسَ
إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم الْخَبَرَ، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ، يَقُولُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ،
لَأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "
هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي؟ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي؟
" إِنِّي قُلْتُ: " يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ
إِلَيْكُمْ جَمِيعًا " ، فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:
صَدَقْتَ "، قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ غَامَرَ: سَبَقَ بِالْخَيْرِ .
ولا يوجد دليل
على عصمتهم , بل إن الآيات تشير إلى إمكانية ردتهم .
قال الله : يَسْأَلُونَكَ
عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ
سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ
مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا
يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ
اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ
فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ
أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " [البقرة : 217]
قال الله : وَمَا
مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ
أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى
عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ
" [آل عمران : 144]
قال الله :
" وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ
يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي
الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " [آل عمران : 176]
قال الله :
" يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي
الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ
قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ
لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ
يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا
وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا
أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي
الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ " [المائدة : 41]
هل كل من رأى
النبي أو سمعه كان معصوماً من الخطأ ؟
لا , ليسوا
معصومين .
قال الله :
" وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ
حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ
مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ
يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا
عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ " [آل عمران : 152]
وقال الله :
" فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ
نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ
أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ
نَادِمِينَ " [المائدة : 52]
قال الله :
" وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ
سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ
عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ
يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ
الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) وَقُلِ اعْمَلُوا
فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى
عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
(105) وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا
يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106) ( التوبة ) .
وقال الله :
" وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ
الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا
مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ
اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " [التوبة : 118]
وقال الله : " إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) " ( النور ) .
قال الله :
" وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا
نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ
بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ
الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ
قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ
وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)
عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ
مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ
وَأَبْكَارًا (5) " ( التحريم ) .
هل كل من رأى
النبي أو سمعه كان منافقاً أو كافراً أو مرتداً ؟
لا , فآيات التعديل تدل على أن منهم من رضي الله عنهم ورضوا عنه .
والصواب هو الإيمان
بعدالة البعض وجرح البعض وعدم الانشغال بما هو أكثر من ذلك , فما خلقنا الله لذلك
, ولو كان هذا نافعاً لذكره في القرآن .
هل أبو هريرة
وأنس بن مالك ومالك بن صعصعة وابن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وأبو
سعيد الخدري وبسر بن أرطأة ومعاوية وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد مؤمنون ؟
لا نعلم , فلا
يوجد دليل على إيمانهم .
هل أبو هريرة
وأنس بن مالك ومالك بن صعصعة وابن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وأبو
سعيد الخدري وبسر بن أرطأة ومعاوية وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد كفرة أو
منافقون أو مرتدون ؟
لا نعلم , فلا
يوجد دليل على كفرهم أو نفاقهم أو ردتهم .
والقول بأي رأي فيهم هو من قبيل الرجم بالغيب .
والصواب عدم
الانشغال بذلك , فالحق هو التمسك بالقرآن وحرق كتب الآثار والتراجم .
ومما يدل على فساد منهج السنيين فيمن رأوا النبي أو سمعوه , زعمهم أن الطعن
في أحدهم فسق أو كفر , وذلك رغم أن روايات الأثريين تدل على أن الصحابة طعنوا في
بعضهم باللسان وبالسيف الذي هو أشد من اللسان , والسؤال للسنيين : هل الصحابة فسقة
وكفار إذاً ؟
هل الطعن في أي مسلم فسق أو كفر كما في آثاركم المكذوبة ؟
عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم : " سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ " . ( متفق
عليه ) .
عَنْ جَرِيرٍ، أَنّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: اسْتَنْصِتِ
النَّاسَ، فَقَالَ: " لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ
بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ " . ( متفق عليه ) .
هل الطعن فيمن
رأوا النبي كفر ؟
إن الطعن بالسيف أشد من الطعن باللسان , فهل كان الكثير من الصحابة كفرة لأنهم تقاتلوا ؟
هل الطعن في معاوية كفر ؟
هل كان علي وحزبه كفرة ؟
بل هل كان النبي كافراً
عندكم ؟
وما رأيكم في
الآثار التي تطعن في معاوية والتي تصححونها ؟
عَنْ ابْنِ
عَبَّاسٍ، قَالَ: " كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَجَاءَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَوَارَيْتُ خَلْفَ بَابٍ، قَالَ:
فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً، وَقَالَ: اذْهَبْ وَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ، قَالَ:
فَجِئْتُ، فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ، قَالَ، ثُمَّ قَالَ لِيَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي
مُعَاوِيَةَ، قَالَ: فَجِئْتُ، فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ، فَقَالَ: لَا أَشْبَعَ
اللَّهُ بَطْنَهُ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: قُلْتُ لِأُمَيَّةَ: مَا حَطَأَنِي؟
قَالَ: قَفَدَنِي قَفْدَةً ". ( صحيح مسلم ) .
وفي رواية : (
كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
قَدْ جَاءَ، فَقُلْتُ: مَا جَاءَ إِلا إِلَيَّ، فَاخْتَبَأْتُ عَلَى بَابِ فَجَاءَ
فَحَطَأَنِي حَطْأَةً، فَقَالَ: " اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ
يَكْتُبُ الْوَحْيَ، قَالَ: فَذَهَبْتُ فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَقِيلَ: إِنَّهُ
يَأْكُلُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: فَاذْهَبْ فَادْعُهُ، فَأَتَيْتُهُ فَقِيلَ: إِنَّهُ
يَأْكُلُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: لا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ، قَالَ:
فَمَا شَبِعَ بَطْنُهُ، قَالَ: فَمَا شَبِعَ بَطْنُهُ أَبَدًا "، وَرُوِيَ
عَنْ هُرَيْمٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ تَدُلُّ
عَلَى الاسْتِجَابَةِ . ( دلائل النبوة للبيهقي ) .
وفي
رواية : ( مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا
أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَاخْتَبَأْتُ مِنْهُ خَلْفَ بَابٍ، فَدَعَانِي
فَحَطَأَنِي حَطَأَةً، ثُمَّ بَعَثَنِي إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ،
فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ، ثُمَّ بَعَثَنِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ
بَعْدُ.فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : لا أَشْبَعَ اللَّهُ
بَطْنَهُ ".قَالَ أَبُو حَمْزَةَ: فَكَانَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لا
يَشْبَعُ ) . ( أنساب الأشراف للبلاذري ) .
ومن المضحك أن
يؤول السنيون هذا الكلام لصالح معاوية , فيقول عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بِنْ
فَارِسٍ، الرَّاوِي عَنْ يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ، مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: (
لا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى لا يَكُونَ مِمَّنْ يَجُوعُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لأَنَّ الْخَبَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
أَنَّهُ قَالَ: " أَطْوَلُ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ
جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ) . ( مسند أبي داود الطيالسي ) .
وجاء في أسد
الغابة : أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ لِمُعَاوِيَةَ
وَأَتْبَعَهُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنِّي
اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، أَرْضَى كَمَا يَرْضَى
الْبَشَرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ
عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً
وَقُرْبَةً يُقَرِّبُهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". انتهى .
أي أن الفرق
الضالة يريدون أن يقولوا أن معاوية ليس أهلاً لهذا الدعاء ومن ثم فهو قربة له يوم
القيامة .
تنبيه : أنا
حققت تلك الآثار وهي باطلة عندي , ولكن السنيين يصححونها , وذكرت ذلك من باب الحجة
على السنيين من أقوالهم وأدلتهم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 ـ المغالاة في
قوتهم ( ضبطهم ) :
ترى السنيين
يغالون في ضبط من رأوا النبي أو سمعوه وكأن الله أخذ على نفسه عهداً بجعلهم أشد
الناس ضبطاً , وهذا تحريف وتخريف , بل هم كبقية البشر فمنهم الحافظ ومنهم المغفل
وكثير الخطأ والنسيان والمجنون والمعتوه .
سنن
ابن ماجه : (25)- [25 ] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ
أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَر، عَنْ شُعْبَةَ.ح
وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
قُلْنَا لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كَبِرْنَا، وَنَسِينَا،
وَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم شَدِيدٌ " .
ويروى
عن أنس أنه اختلط .
عَنِ
الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْعَامِ
الَّذِي طُعِنَ فِيهِ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي أُكَلِمُكُمْ
بِالْكَلامِ، فَمَنْ حَفِظَهُ فَلْيُحَدِّثْ بِهِ حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ
رَاحِلَتُهُ، وَمَنْ لَمْ يَحْفَظْهُ فَأُحَرِّجُ بِاللَّهِ عَلَى امْرِئٍ أَنْ
يَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ " . ( أنساب الأشراف للبلاذري , الطبقات الكبرى لابن سعد واللفظ
له , وفيه انقطاع بين الزهري وعمر ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثالثاً : تلبيس
إبليس :
1 ـ من تلبيس
إبليس أن يقول السنيون : ( أن الصحابة هم الذين حفظوا القرآن والطعن في عدالة
أحدهم أو ضبطه في الآثار سيكون طعناً في القرآن لأنهم هم الذين حفظوه ) .
وأقول : إن
الله هو الذي تولى جمع القرآن وحفظه , وما أدين الله به أن القرآن مجموع في عهد
النبي وليس بعد موته , أما روايات ومسرحيات جمع القرآن الباطلة والتي تشير إلى أن
القرآن آحاد وليس متواتراً فكلها أكاذيب .
ولو سلمنا
جدلاً أن القرآن قد جمع بعد موت النبي فإن الله قد حفظ عدالة وضبط من جمعوه حتى لا
يخطئوا فيه , والسؤال : هل معنى ذلك أنه قد حفظ عدالتهم وضبطهم في كل الأمور غير
القرآن ؟ لو لم يكن مجموعاً على عهد النبي فهل نحن نعلم أسماء الصحابة الذي جمعوا
القرآن ؟
هل أبو هريرة
وأنس بن مالك وابن عباس ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر
وعبد الله بن عمرو وبسر بن أرطأة من الصحابة أو ممن جمعوا القرآن ؟
لماذا تدلسون
على الناس ؟
2 ـ كما يقول
السنيون : ( أن الطعن فيهم يعني أن الله أساء اختيار أصحاب النبي ) .
والسؤال : هل
قال الله أنه سينتقي أصحاب أنبيائه ؟
لم يقل ذلك ,
فهذا افتراء على الله , فإن من الأنبياء من كفر ابنه وزوجته.
قال الله :
" قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ
صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ
تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ " [هود : 46]
قال الله :
" ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ
لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا
فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ
الدَّاخِلِينَ " [التحريم : 10]
وإن من صحب
النبي لم يكن معصوماً بل قد يرتد بعد وفاته, كما مر في آيات الجرح والقدح في البعض
ممن رأوا النبي أو سمعوه .
وكان الأولى
أن يشترط السنيون العدالة والضبط في رواة الآثار فلا يقبلوا أثراً لمدلس أو مختلط
أو وضاع أو خاطئ أو مغفل , لأن ذلك هو طعن في الله عز وجل بسوء اختيار حفظة الآثار
إن كان يريد حفظها على حسب زعمهم .
ويستدل
السنيون على هذا الافتراء بأثر مكذوب موقوف على ابن مسعود .
مسند أحمد بن
حنبل : (3468)- [3589] حَدَّثَنَا أَبُو
بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ زِرِّ بْنِ
حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِنَّ
اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه
وسلم خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، فَابْتَعَثَهُ
بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ،
فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ
نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا،
فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا، فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ
سَيِّئٌ " .
علل السند :
1 ـ أبو بكر بن عياش الأسدي , وهو ضعيف كثير الغلط
وقد اختلط .
2 ـ عاصم بن
بهدلة (عاصم بن أبي النجود الأسدي ) , وهو ضعيف سيئ الحفظ .
3 ـ عدم ثبوت
تلقي الأثر فبعض الرواة لم يصرحوا بالسماع .
تنبيه : زر بن
حبيش الأسدي , قال فيه أحمد بن عبد الله العجلي : ( ثقة ، كان زر شيخا قديما إلا
أن فيه بعض الحمل على علي رضي الله عنه ) .
علة المتن :
النكارة , فهو مخالف لآيات الجرح والقدح في البعض ممن رأوا النبي .
كما أنه مخالف
لآثار السنيين أنفسهم , وهل سيختار الله من سيرتد بعد ذلك ؟ وهل كان عمرو بن العاص
ومعاوية وخالد بن الوليد يقاتلون مع النبي أم ضده ؟ وهل تحريف الصلاة وتضييع
الخلافة وجعلها ملكاً حسن عند الله ؟
المعجم الكبير
للطبراني : (8496)- [8582] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا أَبُو
بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل اطَّلَعَ فِي
قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم خَيْرَ
قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، وَخَصَّهُ، أَوْ، قَالَ: بَعَثَهُ
بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ اطَّلَعَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِهِ فَوَجَدَ
قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه
وسلم يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ " .
علل السند والمتن : كما سبق .
تنبيه 1 : محمد بن عبد
الله الحضرمي ( محمد بن عبد الله بن سليمان , مطين ) أنكر عليه موسى بن هارون
الحمال أحاديث , وطعن فيه ابن أبي شيبة .
تنبيه 2 : أحمد بن يونس التميمي , قال فيه عثمان
ابن أبي شيبة العبسي : ثقة وليس بحجة .
معجم ابن
الأعرابي : (860)- [861 ] نا أَحْمَدُ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ،
عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ
اطَّلَعَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ خَيْرَ قُلُوبِ
الْعِبَادِ، فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ، وَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ
فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِهِ، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ
قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى
دِينِهِ، فَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا
رَآهُ الْمُسْلِمُونَ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ "، قَالَ أَبُو
بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: وَأَنَا أَقُولُ: قَدْ رَأَوْا أَنْ يُوَلُّوا أَبَا بَكْرٍ
بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، نا يَزِيدُ
بْنُ هَارُونَ، أنا الْمَسْعُودِيُّ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَسَرَّةَ، نا
الْمُقْرِئُ، نا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ مِثْلَهُ .
علل السند :
كما سبق .
شرح السنة للبغوي :
(104)- [105 ] قَالَ الشَّيْخُ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ
نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ الْحَاكِمُ الطُّوسِيُّ، أنا أَبُو
سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الصَّيْرَفِيُّ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ
الأَصَمُّ، نا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، نا أَبُو
النَّضْرِ، نا الْمَسْعُودِيُّ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي
وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ، " إِنَّ
اللَّهَ تَعَالَى اطَّلَعَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاخْتَارَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه
وسلم فَبَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، وَانْتَجَبَهُ بِعِلْمِهِ، ثُمَّ نَظَرَ
فِي قُلُوبِ النَّاسِ بَعْدُ، فَاخْتَارَ لَهُ أَصْحَابًا، فَجَعَلَهُمْ أَنْصَارَ
دِينِهِ، وَوُزَرَاءَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا رَآهُ
الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَآهُ
الْمُؤْمِنُونَ قَبِيحًا، فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ قَبِيحٌ ".وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ
الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُتْبَةَ، نا بَقِيَّةُ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمَسْعُودِيُّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَرُوِيَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" إِنَّ اللَّهَ لا يَجْمَعُ أُمَّتِي "، أَوْ قَالَ: " أُمَّةُ
مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلالَةٍ، وَيَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ
إِلَى النَّارِ ".وَتَفْسِيرُ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ: هُمْ
أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ.وَسُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنِ الْجَمَاعَةِ؟
فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ.فَقِيلَ لَهُ: قَدْ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ،
وَعُمَرُ، قَالَ: فَفُلانٌ وَفُلانٌ، قِيلَ: قَدْ مَاتَ فُلانٌ وَفُلانٌ؟ قَالَ
ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَبُو حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ جَمَاعَةٌ.وَدَخَلَ ابْنُ
مَسْعُودٍ عَلَى حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: اعْهَدْ إِلَيَّ، فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ
يَأْتِكَ الْيَقِينُ؟، قَالَ: بَلَى، وَعِزَّةِ رَبِّي، قَالَ: فَاعْلَمْ أَنَّ
الضَّلالَةَ حَقَّ الضَّلالَةِ أَنْ تَعْرِفَ مَا كُنْتَ تُنْكِرُ، وَأَنْ
تُنْكِرَ مَا كُنْتَ تَعْرِفُ، وَإِيَّاكَ وَالتَّلَوُّنَ، فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ
وَاحِدٌ.وَقَالَ شُرَيْحٌ: إِنَّ السُّنَّةَ قَدْ سَبَقَتْ قِيَاسَكُمْ،
فَاتَّبِعْ وَلا تَبْتَدِعْ، فَإِنَّكَ لَنْ تَضِلَّ مَا أَخَذْتَ
بِالأَثَرِ.وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّمَا الرَّأْيُ بِمَنْزِلَةِ الْمَيْتَةِ
إِذَا احْتَجْتَ إِلَيْهَا أَكَلْتَهَا.وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكٍ فَسَأَلَهُ
عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ لَهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَذَا
وَكَذَا، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَرَأَيْتَ؟ قَالَ مَالِكٌ: " فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ " .وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: الْبِدْعَةُ
أَحَبُّ إِلَى إِبْلِيسَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، الْمَعْصِيَةُ يُتَابُ مِنْهَا،
وَالْبِدْعَةُ لا يُتَابُ مِنْهَا.قَالَ الشَّيْخُ: وَاتَّفَقَ عُلَمَاءُ السَّلَفِ
مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الْجِدَالِ وَالْخُصُومَاتِ فِي
الصِّفَاتِ، وَعَلَى الزَّجْرِ عَنِ الْخَوْضِ فِي عِلْمِ الْكَلامِ
وَتَعَلُّمِهِ.سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ شَيْءٍ مِنَ
الأَهْوَاءِ، فَقَالَ: الْزَمْ دِينَ الصَّبِيِّ فِي الْكُتَّابِ
وَالأَعْرَابِيِّ، وَالْهَ عَمَّا سِوَى ذَلِكَ.وَقَالَ أَيْضًا: مَنْ جَعَلَ
دِينَهُ غَرَضًا لِلْخُصُومَاتِ أَكْثَرَ التَّنَقُّلَ.وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مِنَ
اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَعَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم الْبَلاغُ، وَعَلَيْنَا
التَّسْلِيمُ.وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: إِيَّاكُمْ وَالْبِدَعَ، قِيلَ: يَا
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَمَا الْبِدَعُ؟ قَالَ: أَهْلُ الْبِدَعِ الَّذِينَ
يَتَكَلَّمُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلامِهِ وَعِلْمِهِ
وَقُدْرَتِهِ، وَلا يَسْكُتُونَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الصَّحَابَةُ
وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ.رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ،
عَنْ مَالِكٍ: لَوْ كَانَ الْكَلامُ عِلْمًا، لَتَكَلَّمَ فِيهِ الصَّحَابَةُ
وَالتَّابِعُونَ، كَمَا تَكَلَّمُوا فِي الأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ، وَلَكِنَّهُ
بَاطِلٌ يَدُلُّ عَلَى بَاطِلٍ.وَسُئِلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْكَلامِ،
فَقَالَ: دَعِ الْبَاطِلَ، أَيْنَ أَنْتَ عَنِ الْحَقِّ، اتَّبِعِ السُّنَّةَ،
وَدَعِ الْبِدْعَةَ.وَقَالَ: وَجَدْتُ الأَمْرَ الاتِّبَاعَ، وَقَالَ: عَلَيْكُمْ
بِمَا عَلَيْهِ الْجَمَّالُونَ وَالنِّسَاءُ فِي الْبُيُوتِ، وَالصِّبْيَانُ فِي
الْكُتَّابِ مِنَ الإِقْرَارِ وَالْعَمَلِ.قَالَ الرَّبِيعُ، عَنِ الشَّافِعِيِّ:
لأَنْ يَلْقَى اللَّهُ الْعَبْدَ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلا الشِّرْكَ خَيْرٌ مِنْ
أَنْ يَلْقَاهُ بِشَيْءٍ مِنَ الأَهْوَاءِ.وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى،
عَنِ الشَّافِعِيِّ: لأَنْ يُبْتَلَى الْمَرْءُ بِمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ خَلا
الشِّرْكَ بِاللَّهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَبْتَلِيَهُ بِالْكَلامِ.وَقَالَ
أَبُو ثَوْرٍ، عَنِ الشَّافِعِيِّ: مَا ارْتَدَى أَحَدٌ بِالْكَلامِ،
فَأَفْلَحَ.وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّبَّاحُ: سَمِعْتُ
الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: حُكْمِي فِي أَصْحَابِ الْكَلامِ أَنْ يُضْرَبُوا
بِالْجَرِيدِ، وَيُحْمَلُوا عَلَى الإِبِلِ، وَيُطَافُ بِهِمْ فِي الْعَشَائِرِ
وَالْقَبَائِلِ، وَيُقَالُ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ،
وَأَخَذَ فِي الْكَلامِ.وَقَالَ الرَّبِيعُ، عَنِ الشَّافِعِيِّ: لَوْ أَنَّ
رَجُلا أَوْصَى بِكُتُبِهِ مِنَ الْعِلْمِ لآخَرَ، وَكَانَ فِيهَا كُتُبُ
الْكَلامِ، لَمْ تَدْخُلْ فِي الْوَصِيَّةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ
الْعِلْمِ.وَقَالَ: لَوْ أَوْصَى لأَهْلِ الْعِلْمِ، لَمْ يَدْخُلْ أَهْلُ
الْكَلامِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ، يَقُولُ:
جَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَمِيعَ أَمْرِ الآخِرَةِ فِي كَلِمَةٍ
" مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ
".وَجَمِيعَ أَمْرِ الدُّنْيَا فِي كَلِمَةٍ: " إِنَّمَا الأَعْمَالُ
بِالنِّيَّاتِ " يَدْخُلانِ فِي كُلِّ بَابٍ .
علل السند :
1 ـ عبد
الرحمن بن عبد الله المسعودي ( عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن
مسعود ) , وقد اختلط اختلاطاً شديداً , وقال فيه علي بن المديني : ( ثقة ، إلا أنه
كان يغلط فيما روى عن عاصم بن بهدلة و سلمة ، وما روى عن القاسم ومعن صحيح ) ,
وقال يحيى بن معين : ( ثقة اختلط في آخر عمره ) ، وقال أيضاً : ( كان يغلط ويخطىء
فيما يروي عنه شيوخه الصغار كعاصم وسلمة والأعمش بخلاف ما يروي عن الكبار ) ، وقال
أيضاً : ( أيضا أحاديثه عن الأعمش مقلوبة وأحاديثه عن القاسم وعن عون صحيحة ، ومرة
: من سمع من المسعودي في زمن أبي جعفر فهو صحيح السماع ، ومن سمع منه أيام المهدي
فليس سماعه بشيء ) ,
2 ـ عاصم بن
بهدلة (عاصم بن أبي النجود الأسدي ) , وهو ضعيف سيئ الحفظ .
3 ـ عدم ثبوت
تلقي الأثر فبعض الرواة لم يصرحوا بالسماع .
المعجم الأوسط
للطبراني : (3722)- [3602] حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا
بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: نا الْقَاسِمُ بْنُ
دِينَارٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، عَنْ عَبْدِ
السَّلامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ
أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل اطَّلَعَ فِي
قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، ثُمَّ
اطَّلَعَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ
أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَاخْتَارِهُمْ لِدِينِهِ، يُقَاتِلُونَ
عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ،
وَمَا رَأَوْهُ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ " .
علل السند :
1 ـ زكريا بن يحيى بن حفص بن سليمان ( زكريا بن
يحيى الأهوازي ) , لم يوثقه أحد .
2 ـ علي بن قادم الخزاعي ( علي بن قادم بن أحمد )
, وهو ضعيف الحديث .
3 ـ عبد السلام بن حرب الملائي ( عبد السلام بن
حرب بن سلم ) , وقد ضعفه البعض .
4 ـ سليمان بن مهران الأعمش , وهو مدلس وفي حديثه
اضطراب .
5 ـ عدم ثبوت تلقي الأثر فبعض الرواة لم يصرحوا
بالسماع .
المعجم الكبير
للطبراني : (8507)- [8593] حَدَّثَنَا
الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الأَسْفَاطِيُّ، ثنا عُبَيْدُ
بْنُ يَعِيشَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، عَنْ عَبْدِ
السَّلامِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي
وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عز وجل اطَّلَعَ فِي
قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم خَيْرَ
قُلُوبِ الْعِبَادِ "، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَاصِمٍ .
علل السند :
1 ـ عبيد بن يعيش المحلمي , ذكره ابن حبان في
الثقات ، وقال يخطئ .
2 ـ علي بن قادم الخزاعي ( علي بن قادم بن أحمد )
, وهو ضعيف الحديث .
3 ـ عبد السلام بن حرب الملائي ( عبد السلام بن
حرب بن سلم ) , وقد ضعفه البعض .
4 ـ سليمان بن مهران الأعمش , وهو مدلس وفي حديثه
اضطراب .
5 ـ عدم ثبوت تلقي الأثر فبعض الرواة لم يصرحوا
بالسماع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابعاً : الخلاصة
:
إن مصيبة السنيين
والشيعة وكل الأثريين وكل الفرق الضالة أنهم ورثوا آثاراً باطلة ووساوس لشياطين
الإنس والجن فآمنوا بها وجعلوها من أصول الدين وقدموها على كتاب ربهم .
والحق في التمسك بالقرآن ونبذ الآثار وعدم تضييع الوقت في الكلام عمن سبق .
قال الله : " تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [البقرة : 134]
قال الله : " تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [البقرة : 141]
ولقد تعبدنا الله بالتمسك بكتابه والعمل بما فيه , ولم يتعبدنا بالبحث عن حقيقة عمرو بن العاص أو معاوية أو الانشغال بهما , فقد يكونا مؤمنين وقد يكونا كافرين ومن الجائز أنهما لم يخلقا أصلاً .
إن المغالاة
فيمن رأوا النبي كما يفعل السنيون من التحريف .
وأيضاً الطعن
فيمن رأوا النبي كما تفعل الشيعة من التحريف
.
وليس كل من رأى النبي صحابياً , فهذا تحريف للدين واللسان العربي .
والحق أن الصحابة
هم من رافقوا النبي من المؤمنين , وليس الصحابة من رأوا النبي أو سمعوه , كما يزعم
السنيون .
وليس كل من
رأى النبي مؤمناً , فهذا مغالاة وتحريف وافتراء .
بل إن ممن يزعم الأثريون أنهم صحابة هم منافقون في الحقيقة , فالمنافقون لا يعلمهم النبي , ومن ثم لا يعلمهم الصحابة , قال الله : " وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ " [التوبة : 101]
والصاحب قد يرتد ويكفر ويكره صاحبه , والصحبة ليست عصمة للأصحاب .
والصحابة ليسوا معصومين من الخطأ أو النسيان أو المعصية أو الكفر أو النفاق أو الردة .
ونحن لا نعلم
أسماء الصحابة , فلم يذكر أحد منهم في القرآن , وأما زيد فلا تعلم هل كان مؤمناً
أو منافقاً أم كافراً .
وأما الانشغال
بأسماء الصحابة والدفاع عنهم أو الطعن فيهم فهو حمق وجهل .
كما لا نعلم حال
الكثير ممن رأوا النبي هل كانوا مؤمنين أو فسقة أو مرتدين أو كفاراً ؟
فنحن لا نعلم هل
أبو هريرة وأنس بن مالك ومالك بن صعصعة وابن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن
عمرو وأبو سعيد الخدري وبسر بن أرطأة ومعاوية وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد والكثير
غيرهم كانوا مؤمنين أم لا , فقد يكونوا مؤمنين وقد يكونوا كفرة أو مرتدين أو
منافقين ومن الجائز أنهم لم يخلقوا أصلاً .
ولكنهم ليسوا
صحابة حسب روايات الأثريين لأن منهم الصغير والمجهول ومتأخر الإسلام , ولم يرافق
أحد منهم النبي .
ــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد رب العالمين
وهل كل اثار الشيعه بااااطله !!!!
ردحذفان الاثر عند الشيعه هو الاقرب للمنطق
ومايقبله العقل