الاثنين، 3 أغسطس 2015

عدم التحديث عن النبي

بطلان حجية الآثار

كتب : محمد الأنور ( أبو عبد الله المدني , تبيين الحق ) :

عدم التحديث عن النبي

تنبيه : أنا أستدل بروايات الأثريين من باب الحجة عليهم , وليس من باب أنها صحيحة عندي , فإني أشترط شروطاً لا تتوفر في أكثر روايات الأثريين .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " . ( صحيح البخاري واللفظ له , جامع الترمذي , سنن الدارمي , مسند أحمد , صحيح ابن حبان , المسند المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم , مصنف عبد الرزاق , وقال أبو نعيم في حلية الأولياء : صحيح مشهور من حديث الأوزاعي عن حسان , وقال ابن العربي في عارضة الأحوذي : ثابت ,  وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى : صحيح , وقال العيني في نخب الافكار :  إسناده صحيح , وقال أحمد شاكر في مسند أحمد بن حنبل : إسناده صحيح , وقال الألباني في صحيح الترمذي : صحيح ) .

والأثر هذا حجة على الأثريين , لأن فيه الفوائد التالية :

1 ـ قال : " بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً" , ولم يقل : "بلغوا عني ولو أثراً" , أي أن المأمور به تبليغ الآيات وليس الآثار .

2 ـ قال : " وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ" , ولم يقل : "وحدثوا عني ولا حرج" , أي أنه أتى نفي الحرج في التحديث عن بني إسرائيل , ولكن لم يأت نفي الحرج عمن يحدث عن النبي .

3 ـ قال : " وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " , والسؤال : هل يعلم المتحدث يقيناً أن هذا الحديث صدق ؟

ألا يعلم أن كل الرواة وإن كانوا حفاظاً يخطئون , لذا أضاف المحدثون علة شذوذ المتن ؟

هل يعلم المتحدث يقيناً أن السند متصل وأن الرواة تلقوا هذا الأثر حقاً من شيوخهم ؟

ألا يعلم المتحدث أن كل الرواة يرسلون ويدلسون ؟

هل يعلم المتحدث يقيناً أن السند متصل حتى وإن صرحوا بالسماع ؟

ألا يعلم أن الرواة يخطئون في صيغ التحمل فيقولون حدثنا , وهم لم يحدثهم ولم يسمعوا منه , ومنهم من يتأول التصريح بالسماع كالحسن البصري , ومنهم من يدلس تدليس السكوت والعطف , ومنهم من يكذب .

والسؤال : هل من حدث عن النبي على يقين بأن النبي قال ذلك حقاً ؟

لا , فالآثار ظنية الثبوت .

وكيف يزعم المحدث أن النبي قال هذا الأثر وهو شاك في ثبوته ؟

وهل الشك أصبح من أعمدة الدين ؟

وهل نأخذ ديننا من المشكوك في صحته ؟

لذا أقول من حدث عن النبي فقد كذب متعمداً , خاصة إذا حدث بأثر يخالف القرآن أو ينسخ آياته أو يكمل نقصانه المزعوم أو يبين مبهماته المزعومة .

وجاء في سنن ابن ماجه : بَاب التَّوَقِّي فِي الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
(23)- [23 ] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ الْبَطِينُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: " مَا أَخْطَأَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ عَشِيَّةَ خَمِيسٍ إِلَّا أَتَيْتُهُ فِيهِ، قَالَ: فَمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ لِشَيْءٍ قَطُّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ، قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَنَكَسَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَهُوَ قَائِمٌ مُحَلَّلَةً أَزْرَارُ قَمِيصِهِ، قَدِ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ، وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ "، قَالَ: أَوْ دُونَ ذَلِكَ، أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، أَوْ شَبِيهًا بِذَلِكَ .
(24)- [24 ] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: " كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا فَفَرَغَ مِنْهُ قَالَ: أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " .
(25)- [25 ] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَر، عَنْ شُعْبَةَ.ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: قُلْنَا لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كَبِرْنَا، وَنَسِينَا، وَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَدِيدٌ " .
(26)- [26 ] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: " جَالَسْتُ ابْنَ عُمَرَ سَنَةً فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا " .
(27)- [27 ] حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: " إِنَّمَا كُنَّا نَحْفَظُ الْحَدِيثَ، وَالْحَدِيثُ يُحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّا إِذَا رَكِبْتُمُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ فَهَيْهَاتَ " .
(28)- [28 ] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: بَعَثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الْكُوفَةِ، وَشَيَّعَنَا فَمَشَى مَعَنَا إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ صِرَارٌ، فَقَالَ: " أَتَدْرُونَ لِمَ مَشَيْتُ مَعَكُمْ؟ " قَالَ: قُلْنَا: لِحَقِّ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِحَقِّ الْأَنْصَارِ، قَالَ: لَكِنِّي مَشَيْتُ مَعَكُمْ لِحَدِيثٍ أَرَدْتُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ بِهِ، فَأَرَدْتُ أَنْ تَحْفَظُوهُ لِمَمْشَايَ مَعَكُمْ، إِنَّكُمْ تَقْدَمُونَ عَلَى قَوْمٍ لِلْقُرْآنِ فِي صُدُورِهِمْ هَزِيزٌ كَهَزِيزِ الْمِرْجَلِ، فَإِذَا رَأَوْكُمْ مَدُّوا إِلَيْكُمْ أَعْنَاقَهُمْ، وَقَالُوا: أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ، فَأَقِلُّوا الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا شَرِيكُكُمْ " .
(29)- [29 ] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: " صَحِبْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ مِنْ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ " .

ـــــــــــــــــــــــ

انتهى

ويؤخذ من الآثار السابقة ما يلي :

1 ـ أن من رأوا النبي كان لا يحدثون عنه , ومن حدث كان نادر التحديث عنه .

2 ـ أنهم ينسون , وليس كما يزعم البعض أنهم معصومون وأنهم ضباط لا يخطئون .

3 ـ أن الحديث عن النبي شديد , وأن من يحدث عنه إما جاهل أو جريء لا يهاب الكذب على النبي .

4 ـ أن الكذب قد ظهر في عصر من رأوا النبي , ويدل على ذلك ما روي عن ابن عباس : "إِنَّمَا كُنَّا نَحْفَظُ الْحَدِيثَ، وَالْحَدِيثُ يُحْفَظُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّا إِذَا رَكِبْتُمُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ فَهَيْهَاتَ " .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله رب العالمين



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق